L'Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Enquêteur
سليم بن عيد الهلالي
Maison d'édition
دار ابن عفان
Édition
الأولى
Année de publication
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Lieu d'édition
السعودية
أَبِمُشَاهَدَةِ قَلْبِهِ بِالْعَيْنِ؟ أَوْ بِسَمَاعٍ مِنْهُ؟ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِنَادِ إِلَى السَّمَاعِ بِالْأُذُنِ، فَيُقَالُ: فَلَعَلَّ لَفْظَهُ ظَاهِرٌ لَهُ بَاطِنٌ لَمْ تَفْهَمْهُ وَلَمْ يُطْلِعْكَ عَلَيْهِ، فَلَا يُوثَقُ بِمَا فَهِمْتَ مِنْ ظَاهِرِ لَفْظِهِ!
فَإِنْ قَالَ: صَرَّحَ بِالْمَعْنَى، وَقَالَ: مَا ذَكَرْتُهُ ظَاهِرٌ لَا رَمْزَ فِيهِ، أَوْ وَالْمُرَادُ ظَاهِرُهُ. قِيلَ لَهُ: وَبِمَاذَا عَرَفْتَ قَوْلَهُ لَكَ: أَنَّهُ ظَاهِرٌ؛ [أَنَّهُ] لَا رَمْزَ فِيهِ، بَلْ أَنَّهُ كَمَا قَالَ، إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَاطِنٌ لَمْ تَفْهَمْهُ أَيْضًا، فَلَا يَزَالُ الْإِمَامُ يُصَرِّحُ بِاللَّفْظِ وَالْمَذْهَبُ يَدْعُو إِلَى أَنَّ لَهُ فِيهِ رَمْزًا.
وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْإِمَامَ أَنْكَرَ الْبَاطِنَ؛ فَلَعَلَّ تَحْتَ إِنْكَارِهِ رَمْزًا لَمْ تَفْهَمْهُ أَيْضًا، حَتَّى لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِلَّا الظَّاهِرَ؛ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِي طَلَاقِهِ رَمْزٌ وَهُوَ بَاطِنُهُ وَلَيْسَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ.
فَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى حَسْمِ بَابِ التَّفْهِيمِ، قِيلَ لَهُ: فَأَنْتُمْ حَسَمْتُمُوهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ وَالسَّلَامِ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ دَائِرٌ عَلَى تَقْرِيرِ الْوَحْدَانِيَّةِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، وَالْحَشْرِ، وَالنَّشْرِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالْوَحْيِ، وَالْمَلَائِكَةِ؛ مُؤَكَّدًا ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْقَسَمِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّ تَحْتَهُ رَمْزًا! فَإِنَّ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ لِمَصْلَحَةٍ وَسِرٍّ لَهُ فِي الرَّمْزِ؛ جَازَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَعْصُومِكُمْ أَنْ يَظْهَرَ لَكُمْ خِلَافُ مَا يُضْمِرُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَسِرٍّ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا لَا مَحِيصَ لَهُمْ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ ﵀: " يَنْبَغِي أَنَّ يَعْرِفَ الْإِنْسَانُ أَنَّ رُتْبَةَ هَذِهِ الْفِرْقَةِ هِيَ أَخَسُّ مِنْ رُتْبَةِ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْ فِرَقِ الضَّلَالِ؛ إِذْ لَا تَجِدُ فِرْقَةً تَنْقُضُ مَذْهَبَهَا بِنَفْسِ الْمَذْهَبِ سِوَى هَذِهِ الَّتِي هِيَ الْبَاطِنِيَّةُ، إِذْ مَذْهَبُهَا إِبْطَالُ النَّظَرِ وَتَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ عَنْ مَوْضُوعِهَا بِدَعْوَى الرَّمْزِ، وَكُلُّ مَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَنْطِقَ بِهِ
1 / 324