L'Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Chercheur
سليم بن عيد الهلالي
Maison d'édition
دار ابن عفان
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Lieu d'édition
السعودية
وَالْآخَرُ: أَنَّهُ الْفَنَاءُ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْبَقَاءُ لِرَبِّهِ.
وَهُمَا فِي التَّحْقِيقِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ؛ إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا يَصْلُحُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنِ الْبِدَايَةِ وَالْآخِرَ يَصْلُحُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنِ النِّهَايَةِ، وَكِلَاهُمَا اتِّصَافٌ؛ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُلْزِمُهُ الْحَالُ وَالثَّانِي يُلْزِمُهُ الْحَالُ، وَقَدْ يُعْتَبَرُ فِيهِمَا بِلَفْظٍ آخَرَ؛ فَيَكُونُ الْأَوَّلُ عَمَلًا تَكْلِيفِيًّا وَالثَّانِي نَتِيجَتَهُ، وَيَكُونُ الْأَوَّلُ اتِّصَافَ الظَّاهِرِ وَالثَّانِي اتِّصَافَ الْبَاطِنِ، وَمَجْمُوعُهُمَا هُوَ التَّصَوُّفُ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَالتَّصَوُّفُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَا بِدْعَةَ فِي الْكَلَامِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى تَفَقُّهٍ يَنْبَنِي عَلَيْهِ: الْعَمَلُ، وَتَفْصِيلُ آفَاتِهِ وَعَوَارِضِهِ، وَأَوْجُهِ تَلَافِي الْفَسَادِ الْوَاقِعِ فِيهِ بِالْإِصْلَاحِ، وَهُوَ فِقْهٌ صَحِيحٌ، وَأُصُولُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ظَاهِرَةٌ، فَلَا يُقَالُ فِي مَثَلِهِ: بِدْعَةٌ؛ إِلَّا إِذَا أَطْلَقَ عَلَى فُرُوعِ الْفِقْهِ الَّتِي لَمْ يُلْفَ مِثْلُهَا فِي السَّلَفِ الصَّالِحِ: أَنَّهَا بِدْعَةٌ؛ كَفُرُوعِ أَبْوَابِ السَّلَمِ، وَالْإِجَارَاتِ، وَالْجِرَاحِ، وَمَسَائِلِ السَّهْوِ، وَالرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَاتِ، وَبُيُوعِ الْآجَالِ. . . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْعُلَمَاءِ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْبِدْعَةِ عَلَى الْفُرُوعِ الْمُسْتَنْبَطَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِيمَا سَلَفَ، وَإِنْ دَقَّتْ مَسَائِلُهَا، فَكَذَلِكَ لَا يُطْلَقُ عَلَى دَقَائِقَ فُرُوعِ الْأَخْلَاقِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ: أَنَّهَا بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَرْجِعُ إِلَى أُصُولٍ شَرْعِيَّةٍ.
وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الثَّانِي؛ فَهُوَ عَلَى أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: يَرْجِعُ إِلَى الْعَوَارِضِ الطَّارِئَةِ عَلَى السَّالِكِينَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ نُورُ التَّوْحِيدِ الْوِجْدَانِيُّ، فَيُتَكَلَّمُ فِيهَا بِحَسَبَ الْوَقْتِ وَالْحَالِ، وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي النَّازِلَةِ الْخَاصَّةِ؛ رُجُوعًا إِلَى الشَّيْخِ الْمُرَبِّي، وَمَا بَيَّنَ لَهُ فِي تَحْقِيقِ
1 / 266