L'Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Chercheur
سليم بن عيد الهلالي
Maison d'édition
دار ابن عفان
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Lieu d'édition
السعودية
فَإِذًا; قَوْلُهُ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً» ; مَعْنَاهُ: مَنْ عَمِلَ بِسُنَّةٍ، لَا مَنِ اخْتَرَعَ سُنَّةً.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيِ الْجَوَابِ:
أَنَّ قَوْلَهُ: مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً ; لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الِاخْتِرَاعِ مِنْ أَصْلٍ; لِأَنَّ كَوْنَهَا حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ; لِأَنَّ التَّحْسِينَ وَالتَّقْبِيحَ مُخْتَصٌّ بِالشَّرْعِ لَا مَدْخَلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا يَقُولُ بِهِ الْمُبْتَدِعَةُ أَعْنِي: التَّحْسِينَ وَالتَّقْبِيحَ بِالْعَقْلِ فَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ فِي الْحَدِيثِ إِمَّا حَسَنَةً فِي الشَّرْعِ وَإِمَّا قَبِيحَةً بِالشَّرْعِ، فَلَا يَصْدُقُ إِلَّا عَلَى مِثْلِ الصَّدَقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ السُّنَنِ الْمَشْرُوعَةِ، وَتَبْقَى السُّنَّةُ السَّيِّئَةُ مُنَزَّلَةٌ عَلَى الْمَعَاصِي الَّتِي ثَبَتَ بِالشَّرْعِ كَوْنُهَا مَعَاصِيَ; كَالْقَتْلِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ آدَمَ، حَيْثُ قَالَ ﵇: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ، وَعَلَى الْبِدَعِ; لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ ذَمُّهَا وَالنَّهْيُ عَنْهَا بِالشَّرْعِ; كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: «مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً»، فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ; لِأَنَّ سَبَبَ الْحَدِيثِ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ; كَالْعُمُومَاتِ الْمُبْتَدَأَةِ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ لَهَا أَسْبَابٌ.
وَيَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً ; أَيْ: مَنِ اخْتَرَعَهَا، وَشَمَلَ مَا كَانَ مِنْهَا مُخْتَرَعًا ابْتِدَاءً مِنَ الْمَعَاصِي; كَالْقَتْلِ مِنْ أَحَدِ ابْنَيْ آدَمَ، وَمَا كَانَ مُخْتَرَعًا بِحُكْمِ الْحَالِ، إِذْ كَانَتْ قَبْلُ مُهْمَلَةً مُتَنَاسَاةً، فَأَثَارَهَا عَمَلُ هَذَا الْعَامِلِ.
1 / 236