وقال ابنُ تغري بردي: (كان فقيهًا محدثًا، وكانوا يسمونه مختصر النووي، ودرَّس، وأفتى سنين، وانتفع به الناس) (١).
وقال الصَّفدي: (وكان فقيهًا أفتى ودرس، وركب الجادة في العلم، وألج وعرّس، وجمع وصنف، ونسخ الأجزاء وألَّف، ودار مع الطلبة ووطّف) (٢).
ومما يدل على اجتهاده، وحبه الخير، وحرصه على إيصاله إلى الآخرين، ما ذكره ابنُ جابر الوادي آشي بقوله: (وأصابه ألم - وهو الفالج - تعطَّل به عن التصرف، وبقي مقعدًا، ولكن قواه الله فكتب بشماله الدواوين، وهو الآن يكتب بها الفتاوى، قال لي: ما كتبتُ بها قبل هذا الألم قط، فلله الحمد أن متَّعني بالكتْب بها) (٣).
٣ - هذه المؤلفات النفيسة التي كتبها في كل فن، هي خير شاهد على تبحره في فنون من العلم، وسيأتي ذكرها في المبحث الخاص ببيان مؤلفاته.
٤ - أنه تولَّى التدريس في دار الحديث، ومدرسة القوسية والنورية والعلمية وغير ذلك، وسيأتي ذكر ذلك بالتفصيل - إن شاء الله - في مبحث تدريسه.
ولا يخفى أنه لم يكنْ يتولى تدريسَ هذه المدارس إلا مَنْ كان على قدرٍ عالٍ من العلم، والإحاطة بفنون متنوعة؛ لكثرة وجود أهل العلم، فكونه يتمُّ ترشيحه من بين أئمة ذلك الزمن في تلك المنطقة، دليلٌ على تفوقه وسبقه في هذا المجال.
وكلُّ هذه الأدلة تنطق بأن ابن العطار من كبار علماء زمانه علمًا،
_________
(١) النجوم الزاهرة (٩/ ١٨٨).
(٢) أعيان العصر (٣/ ٢٤٧).
(٣) برنامج ابن جابر الوادي آشي (ص ٩١).
1 / 37