فصل (٣١)
ونعتقد أن الله تعالى خلق الشياطين يوسوسون للآدميين، ويقصدون استزلالهم، ويترصدون لهم (١).
وإن في الدنيا سحرًا وسحرةً (٢)، ومن استعمل السحرَ معتقدًا أنه يضرُّ أو ينفع بغير إذن الله؛ فقد كفر بالله ﷻ (٣).
وتعلُّم السحر وتعليمه حرام، وكذلك العمل به، وقال مالك ﵀: (يكفر بالعمل به، ومن اعتقد حل العمل به لمضرَّةٍ فهو كافر) (٤)، وللشافعي ﵀ قول: (إنه يجوز تعلّمه وتعليمه والعمل به، لدفع
(١) قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ١١٢]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٢١]، قال قوام السنة الأصفهاني في الحجة (٢/ ٣٢٩) معلقًا على هذه الآيات: (أي: إن شياطين الجن يوحون إلى أوليائهم من شياطين الإنس ليجادلوكم ..... وسمى قولهم زخرفًا وهو الذي يزوق ظاهره، وليس تحته معنى يتحصل، وسماه غرورًا، وهو كالسراب يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا).
(٢) قوله هذا فيه رد على من أنكر حقيقة السحر ووجوده كالمعتزلة، ومن وافقهم.
(٣) من بداية هذا الفصل وإلى قوله: (... فقد كفر بالله ﷻ، نقله المؤلف بتصرف من عقيدة السلف (ص ٢٩٦).
(٤) نقل عن الإمام مالك ﵀ نحو من هذا الكلام. انظر: تفسير ابن كثير (١/ ٢٢٠ - ٢٢١)، ومجموع الفتاوى (٢٩/ ٣٨٤)، وفتح الباري لابن حجر (١٠/ ٢٣٦).