385

[خبره مع شريح وكتاب شراء الدار]

* يروى أن شريحا اشترى دارا، وكتم عن أمير المؤمنين عليه السلام فبلغه خبره فقال له: يا شريح ، اشتريت دارا ؟ قال: نعم. قال:كتبت كتابا؟ قال: نعم. قال: وأشهدت شهودا؟ قال: نعم. قال: يا شريح ، احذر أن تكون اشتريت من غير مالك، فأضعت به شراءك وفقدت مالا من غير حله فتسئل عن حبة حبة وعن ذرة ذرة، وسيأتيك والله من لا ينظر في كتابك ، ولا يسأل عن بينتك فيزعجك من الدار عريانا ذليلا، فتكون قد خسرت الدارين، ولو أنك أردت شراء دار قصدتني كنت أكتب لك كتابا، كنت أزهد الناس فيها، وكان لا يشتري أحد دارا بدرهم، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما كنت تكتب؟ قال كنت أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عبد ذليل من ميت قد أزعج عنه بالرحيل، اشترى له دارا من دور الغرور، من الدليل من عسكر الهالكين، ومجمع الغافلين، وتجمع هذه الدار حدود أربعة: فأول حد من حدودها إلى الهلكات، والحد الثاني ينتهي إلى الغفلات، والثالث ينتهي إلى الهوى المردي، والشيطان المغوي، والرابع ينتهي إلى دواهي الآفات، وإليه يشرع باب هذه الدار ، الذي اشتراها هذا المغرور بالأمل من هذا المزعج بالأجل، وما أدرك المشتري هذه الدار من درك فعلى مبلي أجسام الملوك، وسالب نفوس الجبابرة مثل كسرى، وقيصر، وتبع، وحمير، ونمرود، وفرعون الأكبر، ومن بنى وشيد، وزخرف ونجد، وجمع واعتقد، إشخاصهم إلى موقف العرض إذا أبرز الكرسي لفصل القضاء وخسر هنالك المبطلون ونادى المنادي: ما أبين الحق لذي العينين، إن الرحيل حق أحد اليومين، ليست هذه دار مقامة، ولا لمن ركن إليها دوام فبادروا بصالح الأعمال فقد كذبت الآمال وانقضت الآجال.

Page 421