145

وبحور جود جمة .... وجبال عز راسيه فلما قرأ هارون هذه الأبيات، رق لها، وبكى.ثم قال: يا مسرور مزق الكتاب، فإنها نعمة زالت.فلما أيس يحيى بن خالد عن هارون. كان يناجي الله تعالى في حبسه.فيقول: أغفلنا دولة المظلومين، وأهملنا الشكر لله، فصرنا عظة للحاسدين، ورحمة للعدو، ولو كانت النعمة تريد البقاء لما وصلت إلينا.

* مصنفه: وأعلم وفقك الله لطاعته، أن هؤلاء القوم آثروا طاعة المخلوق على طاعة الخالق، فأسخطوه لإرضاء المخلوق، فوكلهم إلى أنفسهم، فكان مصيرهم إلى ما صاروا إليه، فهذا سخط المخلوق على المخلوق، فكيف بسخط الخالق على المخلوق!!

* ولما سخط كسرى على بزرجمهر أمر بحبسه وقتله، فإذا عليه منطقة فيها رقعة مكتوب فيها: إذا كان القدر حقا فالحرص باطل، وإذا كان الموت راصدا لكل أحد فالطمأنينة إلى دنيا حمق، وإذا كان الغدر طباعا في الناس، فالثقة في كل أحد عجز.

* ولقد نحت البرامكة عن العباسية جسام الخطوب، وحضنت أم هارون يحيى، وحمله خالد أو يحيى البرمكي إلى غزوة ملك الروم، فحاصر استبراق في قسطنطينية حتى هادن، وأخذ سبعين ألف دينار خراجا.

* ولما ضاق على هارون ظهور إدريس بن عبد الله الحسني بأرض المغرب بعد وقعة (فخ) واجتماع الناس إليه دخل يحيى بن خالد فرآه كئيبا حزينا أستغرقه القلق.

فقال: يا أمير المؤمنين إن كان حادث ندفع بأموالنا وأرواحنا فهي لك؟

فقال: وردت علي ملطفة عامل أفريقية بظهور إدريس بالمغرب واجتماع الناس عليه، وأنت تعلم ما بيننا وبين الفاطمية.

فقال: أنا أكفيكه فندلي بغالية مسمومة على يدي بعض شيعهم، حتى شمها فكانت نفسه فيها. لهذا جاء هارون من غائلته.

* وكذلك جعفر أهدى إليه رأس عبد الله الأفطس الحسني، إلى ما شاكله من الوقائع في السلالة الزكية مما لا يعد حتى يذكره به، فيقول:

أذكر مقاساة الأمور وخدمتي وعنائيه

* وبلغني: أنه كان إذا أرجفت الخطوب ينتابه بعدهم فيقوم ويقعد لها حرج الوضين، ويقول شعرا:

Page 177