Ictibar
الإعتبار وسلوة العارفين
Genres
* مصنفه: عجبا لحال ابن آدم، تقرع أذنه بعبر المثلات، ووقائع من مضى، وتناجيه ألسنة الزمن، وتنذره بالأختلاف الخلقتان، وتنقل إليه مكائد الكرور والأيام، ويعاين آثار بسطتهم وبهاء ملكهم، وسعتهم وبسط عزهم، ونخوتهم وتكاثر عددهم وعددهم، كيف خذلتهم الآمال، وفضحتهم الآجال، وخدعتهم الأمنية، حتى حصدتهم المنية، فأصبحوا في ظلم القبور مأسورين، وعلى ما سبق منهم متحسرين، بعدما كانوا ملوكا مسودين، وعلى الدنيا مقتدرين، كيف خلت عن الساكن مساكنهم، وبليت بين أطباق الثرى محاسنهم ، فكأنهم لم يخلقوا، وفي الدنيا لم يرزقوا، ?هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا?[مريم:98]. الآن الآن، حذرك حذرك، قبل أن يجزم قضاؤك، ويبرم جزاؤك، فيحال بينك وبين النجاة، فلا تملك رد المهواة فإن هجرتها ممدوحا، وإلا هجرتك مذموما. والسلام.
* لأبي العتاهية:
جمعوا لدنياهم فما أكلوا .... وبنوا مساكنهم فما سكنوا
فكأنهم كانوا بها ظعنا .... لما استراحوا ساعة ظعنوا
* وأنشد أبو الهيثم بن مروان، الزاهد:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم .... غلب الرجال فلم تمنعهم القلل
وأستنزلوا بعد عز من معاقلهم .... إلى مقابرهم يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعدما دفنوا .... أين الأسرة والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة .... من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم .... تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
[قد طال ما أكلوا دهرا وما نعموا .... فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا]
* وزاد بعضهم فيها بأبيات منها:
وطالما كنزوا الأموال وادخروا .... فخلفوها على الأعداء وارتحلوا
وطالما شيدوا دورا لتحصنهم .... ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
أضحت مساكنهم وحشا معطلة .... وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا * لأبي العتاهية:
Page 157