الْقسم الأول
مسانيد الرِّجَال مرتبَة على الْحُرُوف الأبجدية
بَاب الْألف
[١] مُسْند أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ
[٢] مُسْند أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة
[٣] مُسْند أُسَامَة بن شريك العامري
[٤] مُسْند أُسَامَة بن عُمَيْر الْهُذلِيّ
[٥] مُسْند أبي رَافع مولى رَسُول الله " واسْمه " " أسلم ".
[٦] مُسْند أسيد بن حضير
[٧] مُسْند الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ
[٨] مُسْند أُميَّة بن مخشي الْخُزَاعِيّ
[٩] مُسْند أنس بن مَالك
1 / 14
[مُسْند (أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ)
(ذكر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْهُ) .
مجئ " مَا " بِمَعْنى الَّذِي
(١) الأول: روى أبي بن كَعْب أَن رَسُول الله [ﷺ] قَالَ: " يغسل مَا مس الْمَرْأَة ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " مَا بِمَعْنى: الَّذِي " وصلتها " مس " و" الْمَرْأَة " مفعول مس.
وَلَا يجوز أَن ترفع الْمَرْأَة بِمَسّ على معنى مَا مست الْمَرْأَة لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن تَأْنِيث الْمَرْأَة حَقِيقِيّ وَلم يفصل بَينهَا وَبَين الْفِعْل، فَلَا وَجه لحذف التَّاء.
وَالثَّانِي: أَن إِضَافَة اللَّمْس إِلَى الرجل وَإِلَى أَبْعَاضه حَقِيقَة ".
قَالَ: وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى: ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ وَإِضَافَة اللَّمْس إِلَيْهَا فِي الْجِمَاع تجوز.
مَجِيء أَنى بِمَعْنى: " من أَيْن؟ " وَبِمَعْنى: " كَيفَ؟ "
(٢) الحَدِيث الثَّانِي: حَدِيث مُوسَى مَعَ الْخضر ﵉:
(أ) فَمِنْهُ قَوْله: " أَنى بأرضك السَّلَام ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " أَنى " هَهُنَا فِيهَا وَجْهَان:
أَحدهمَا: بِمَعْنى " من أَيْن " كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿أَنى لَك هَذَا﴾ .
فَهِيَ ظرف مَكَان، " وَالسَّلَام " مُبْتَدأ، والظرف خبر عَنهُ.
تَوْجِيه مجئ أَنى بِمَعْنى كَيفَ
وَالثَّانِي: بِمَعْنى " كَيفَ " أَي: كَيفَ بأرضك السَّلَام؟
وَوجه هَذَا الِاسْتِفْهَام: أَنه لما رأى ذَلِك الرجل فِي قَعْر من الأَرْض استبعد علمه بكيفية السَّلَام ﴿﴾ .
1 / 15
تَقْدِيم الْحَال على صَاحبهَا
(ب) فَأَما قَوْله: " بأرضك السَّلَام " فموضعه نصب على الْحَال من السَّلَام. وَالتَّقْدِير: من أَيْن اسْتَقر السَّلَام كَائِنا بأرضك؟ .
وجوب تَقْدِيم المبتدإ إِن تساوى هُوَ وَالْخَبَر فِي التَّعْرِيف.
(ج) أما قَوْله: " أَنْت مُوسَى بني إِسْرَائِيل " فَأَنت مُبْتَدأ ومُوسَى خَبره
جَوَاز التَّثْنِيَة بعد الْجمع، والتوحيد بعد التَّثْنِيَة
(د) وَقَوله: " فَكَلمُوهُمْ أَن يحملوهم فعرفوا الْخضر فحملوهما " فَالْمَعْنى: أَن مُوسَى وَالْخضر ويوشع قَالُوا لأَصْحَاب السَّفِينَة: " هَل تحملوننا؟ فعرفوا الْخضر فحملوهم " فَجمعُوا الضميرين فِي " كلموهم " على الأَصْل، وثنوا " حملوهما " على اعْتِبَار أَنَّهُمَا المتبوعان، ويوشع تبع لَهما، وَمثله قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن هَذَا عَدو لَك ولزوجك فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى﴾ فَثنى ثمَّ وحد لما ذكرنَا.
تَوْجِيه رِوَايَة " فَأخذ الْخضر بِرَأْسِهِ فاقتلعه بِيَدِهِ "
(هـ) وَفِي قَوْله: " فَأخذ الْخضر بِرَأْسِهِ فاقتلعه بِيَدِهِ " وَجْهَان:
أَحدهمَا: هِيَ زَائِدَة أَي: أَخذ رَأسه.
وَالثَّانِي: لَيست زَائِدَة؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنى أَنه تنَاول رَأسه ابْتِدَاء، وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه جَرّه إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ، ثمَّ اقتلعه وَلَو كَانَت زَائِدَة لم يكن لقَوْله: " فاقتلعه " معنى.
مَجِيء لَو بِمَعْنى أَن الناصبة بعد " ود "
(و) وَقَوله: " لَوَدِدْنَا لَو صَبر " لَو هَهُنَا بِمَعْنى أَن الناصبة للْفِعْل كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿ودوا لَو تدهن﴾، و﴿ودوا لَو تكفرون﴾، وَقد جَاءَ بِأَن فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿أيود أحدكُم أَن تكون﴾ و" لَو صَبر " بِمَعْنى: أَي وَدِدْنَا أَن يصبر. .
تَعْلِيق الْفِعْل عَن الْعَمَل فِي الِاسْتِفْهَام بعده
(٣) وَمَا انْفَرد بِهِ مُسلم قَوْله [ﷺ] لأبي:
1 / 16
(أ) " يَا أَبَا الْمُنْذر أَتَدْرِي أَي آيَة من كتاب الله تَعَالَى مَعَك أعظم؟ ! ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " لَا يجوز فِي أَي هَهُنَا النصب وَهِي مَرْفُوعَة ... بِالِابْتِدَاءِ، و" أعظم " خَبره، و" تَدْرِي " مُعَلّق عَن الْعَمَل؛ لِأَن الِاسْتِفْهَام لَا يعْمل فِيهِ الْفِعْل الَّذِي قبله وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿أَي الحزبين أحصى﴾ .
(ب) وَمثله فِي الحَدِيث الآخر، وَهُوَ قَوْله فِي لَيْلَة الْقدر: " أَنا وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره أعلم أَي لَيْلَة هِيَ "، فَهِيَ: الْخَبَر.
تَوْجِيه قَوْله: " وَلَا إِذا كنت ".
(ج) وَقَوله أبي: " كبر عَليّ وَلَا إِذْ كنت فِي الْجَاهِلِيَّة "، تَقْدِيره: وَلَا أشكل عَليّ حَال الْقُرْآن؛ إِذْ أَنا فِي الْجَاهِلِيَّة كإشكال الْقِصَّة عَليّ.
تَوْجِيه الرِّوَايَة بِنصب كلمة " السُّورَة " فِي حَدِيث أبي
(٤) وَفِي رِوَايَة عبد الله فِي حَدِيث أبي أَنه سَأَلَ رَسُول الله [ﷺ] عَن سُورَة وعده أَن يُعلمهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ أبي: فَقلت: " السُّورَة الَّتِي قلت لي ".
1 / 17
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " الْوَجْه النصب، أَي: اذكر لي السُّورَة أَو عَلمنِي. وَالرَّفْع غير جَائِز؛ إِذْ لَا معنى للابتداء هَهُنَا ".
مَجِيء الْحَال من النكرَة إِذا وصفت بِمَا يقربهَا من الْمعرفَة
(٥) وَمن رِوَايَة عبد الله فِي حَدِيث أبي: " فَفرج صَدره ثمَّ جَاءَ بطست من ذهب مملوءا حِكْمَة وإيمانا ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " مملوءا " بِالنّصب على الْحَال، وَصَاحب الْحَال " طست "؛ لِأَنَّهُ - وَإِن كَانَ نكرَة - فقد وصف بقوله: " من ذهب " فَقرب من الْمعرفَة.
مَجِيء الْحَال من الضَّمِير فِي الْجَار
وَيجوز أَن يكون حَالا من الضَّمِير فِي الْجَار؛ لِأَن تَقْدِيره: بطست كَائِن من ذهب، أَو مَصْنُوع من ذهب فَنقل الضَّمِير من اسْم الْفَاعِل إِلَى الْجَار.
وَلَو رُوِيَ بِالْجَرِّ على الصّفة جَازَ، وَأما حِكْمَة وإيمانا فمنصوبان على التَّمْيِيز.
حذف القَوْل للْعلم بِهِ
(٦) وَفِي رِوَايَة عبد الله فِي حَدِيث أبي: " كَانَ رَسُول الله [ﷺ] يعلمنَا إِذا أَصْبَحْنَا: أَصْبَحْنَا على فطْرَة الْإِسْلَام ... " وَذكر الحَدِيث.
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " تَقْدِيره يعلمنَا إِذا أَصْبَحْنَا أَن نقُول: " أَصْبَحْنَا على كَذَا " فَحذف " القَوْل " للْعلم بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَالْمَلَائِكَة يدْخلُونَ عَلَيْهِم من كل بَاب سَلام
1 / 18
عَلَيْكُم﴾ أَي يَقُولُونَ: سَلام عَلَيْكُم ".
مَجِيء كَائِن بِمَعْنى كم
(٧) وَفِي حَدِيث عبد الله: قَول أبي: (كَائِن تقْرَأ سُورَة الْأَحْزَاب؟ أَو كَائِن تعد سُورَة الْأَحْزَاب؟ قَالَ: قلت: ثَلَاثًا وَسبعين، فَقَالَ: قطّ) .
قَالَ الشَّيْخ ﵀:
(أ) أما " كَائِن " فاسم فَاعل بِمَعْنى " كم " وموضعها: نصب بتقرأ أَو تعد.
(ب) وَأما قَوْله: " ثَلَاثًا وَسبعين " فَهُوَ مفعول ثَان.
قطّ للزمان الْمَاضِي خَاصَّة
(ج) وَأما قطّ فاسم مَبْنِيّ على الضَّم وَهُوَ للزمان الْمَاضِي خَاصَّة.
وَمِنْهُم من يضم الْقَاف، وَمِنْهُم من يفتح الْقَاف ويخفض الطَّاء أَو يضمها، وَلَا وَجه لتسكينها هَهُنَا وَتَقْدِيره: مَا كَانَت كَذَا قطّ.
مضارع أمل يمل بِضَم الْيَاء لَا غير
(٨) وَمن رِوَايَة أَحْمد ﵁ فِي جمع الْقُرْآن: " أَنه كَانَ يمل عَلَيْهِم الْقُرْآن ".
1 / 19
قَالَ الشَّيْخ ﵀ " يمل بِضَم الْيَاء لَا غير، وَأما ماضيه: فَهُوَ أمل وَفِي الْقُرْآن: ﴿أَو لَا يَسْتَطِيع أَن يمل هُوَ﴾ . وَفِيه لُغَة أُخْرَى " أملي " يملى ... ﴿فَهِيَ تملى عَلَيْهِ﴾ ". " أَي " الندائية.
(٩) وَفِي رِوَايَة أَحْمد من رِوَايَة أبي قَوْله تَعَالَى للنَّبِي [ﷺ]: " أَي رَسُول الله ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " وَهُوَ بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْيَاء مقلوب (يَاء) . وَهُوَ حرف نِدَاء ".
حذف الْمُضَاف وَنصب الْمُضَاف إِلَيْهِ على أَنه خبر أغدو
(١٠) وَمن حَدِيث عبد الله بن أَحْمد فِي رِوَايَة أبي عَن النَّبِي [ﷺ] حَدِيث: " شرح صدر رَسُول الله [ﷺ] " قَوْله: " فَرَجَعت بهَا أغدو رقة على الْكَبِير، وَرَحْمَة للصَّغِير ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " تَقْدِيره: " ذَا رقة وَذَا رَحْمَة " وَهُوَ مَنْصُوب على أَنه خبر " أغدو " وَهِي من أَخَوَات كَانَ، فَحذف الْمُضَاف وَنصب الْمُضَاف إِلَيْهِ ".
حذف همزَة الِاسْتِفْهَام للْعلم بهَا
(١١) وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث أبي قَوْله: " شَاهد فلَان؟ " يُرِيد: " الْهمزَة " فحذفها للْعلم بهَا وَهُوَ مَرْفُوع بِأَنَّهُ خبر مقدم، و" فلَان " مُبْتَدأ. وَيجوز أَن يكون " شَاهد " مُبْتَدأ؛ لِأَن همزَة الِاسْتِفْهَام فِيهِ مُرَاده، وَلَو ظَهرت لَكَانَ مُبْتَدأ الْبَتَّةَ، و" فلَان " فَاعل سد مسد الْخَبَر ".
1 / 20
[٢] مُسْند أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة
تَوْجِيه روايتي النصب وَالرَّفْع فِي قَوْله: " أَي يَوْمَيْنِ ".
(١٢) من مُسْند أَحْمد ﵁ وَفِي صَوْم النَّبِي [ﷺ]: " فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّك تَصُوم لَا تكَاد تفطر إِلَّا يَوْمَيْنِ فَقَالَ: " أَي يَوْمَيْنِ؟ ".
قَالَ الشَّيْخ - رَحمَه الله تَعَالَى - " تَقْدِيره: أَي يَوْمَيْنِ أَصوم كَذَا، أَو أَي يَوْمَيْنِ ... وَالرَّفْع أقوى ".
حذف اسْم لَا
(١٣) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: " أَن رَسُول الله [ﷺ] قَرَأَ على مجْلِس فِيهِ أخلاط من النَّاس الْقُرْآن، فَقَالَ عبد الله بن أبي: لَا أحسن من هَذَا إِن كَانَ مَا تَقول حَقًا؛ فَلَا تؤذنا فِي مجالسنا وارجع إِلَى رحلك فَمن جَاءَك منا فاقصص عَلَيْهِ ".
تَوْجِيه رفع أحسن ونصبها
(أ) قَالَ - رَحمَه الله تَعَالَى -: فِي قَوْله: " لَا أحسن من هَذَا " وَجْهَان:
أَحدهمَا: الرّفْع أَي أَنه خبر لَا، وَالِاسْم مَحْذُوف تَقْدِيره: " لَا شَيْء أحسن من هَذَا ". وَهَذَا اعْتِرَاف مِنْهُ بفصاحة الْقُرْآن وَحسنه.
وَالثَّانِي: النصب وَفِيه وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَنه صفة لاسم لَا المحذوفة، و" من هَذَا " خبر لَا.
1 / 21
حذف خبر لَا
وَيجوز أَن يكون الْخَبَر محذوفا، وَتَكون " من " مُتَعَلقَة بِأَحْسَن، أَي: لَا شَيْء أحسن من كَلَام هَذَا فِي الْكَلَام، أَو فِي الدُّنْيَا.
وَالثَّانِي: أَن يكون مَنْصُوبًا بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره أَلا فعلت أحسن من هَذَا؟ ! وَحذف همزَة الِاسْتِفْهَام لظُهُور مَعْنَاهَا.
تَوْجِيه رِوَايَة حذف النُّون
(ب) وَفِيه: " وَلَقَد اصْطلحَ أهل هَذِه الْبحيرَة أَن يُتَوِّجُوهُ. فَيعصبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ ".
قَالَ يرحمه الله تَعَالَى: الْوَجْه فِي رفع " يعصبونه بِالْعِصَابَةِ ". وَلَو روى فيعصبوه بِحَذْف النُّون لَكَانَ مَعْطُوفًا على يُتَوِّجُوهُ وَهُوَ صَحِيح الْمَعْنى.
النصب على الإغراء
(١٤) وَفِي مُسْند أَحْمد ﵀ (فَلَمَّا سمع النَّبِي [ﷺ] جلبة النَّاس خَلفه قَالَ: " السكينَة رويدا أَيهَا النَّاس ".
قَالَ ﵀: " الْوَجْه: أَن تنصب " السكينَة " على الإغراء. الزموا السكينَة كَقَوْلِه: ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ . وَلَا يجوز الرّفْع؛ لِأَنَّهُ يصير خَبرا وَعند ذَلِك لَا يحسن أَن يَقُول: " رويدا أَيهَا النَّاس " لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِيهِ أَيْضا ".
حذف الْفِعْل مَعَ بَقَاء الْمَفْعُول مَنْصُوبًا بِهِ
(١٥) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أُسَامَة أَن رَسُول الله [ﷺ] تَوَضَّأ فِي الشّعب فَقلت: يَا رَسُول الله، الصَّلَاة. قَالَ: (الصَّلَاة أمامك) .
1 / 22
قَالَ ﵀: الْوَجْه النصب على تَقْدِير أُرِيد الصَّلَاة، أَو تصلى الصَّلَاة فَقَالَ لَهُ: مَا مَعْنَاهُ " الْآن لَا. بل نؤخرها إِلَى أَن نأتي بهَا مَعَ الْعشَاء الْأَخِيرَة بِالْمُزْدَلِفَةِ ". تَوْجِيه قَوْله [ﷺ]: " إِن كَانَ لذَلِك فَلَا ... "
(١٦) وَفِي حَدِيثه أَن رجلا سَأَلَهُ عَن الْعَزْل فَقَالَ: لماذا؟ قَالَ إشفاقا على وَلَدهَا فَقَالَ: " إِن كَانَ لذَلِك فَلَا. مَا ضار ذَلِك فَارس وَلَا الرّوم ".
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى: التَّقْدِير: " لَا " يعْزل لهَذَا الْغَرَض؛ فَإِن فَارس وَالروم يطئون نِسَاءَهُمْ وَمن يرضعن، فَلَا يضيرهم ذَلِك ف " لَا " من تَمام الْجَواب، ثمَّ قَالَ: " مَا ضرّ ذَلِك فَارس ".
ضم ذال مُنْذُ لَا غير
(١٧) وَفِي حَدِيثه فِي حَدِيث جِبْرِيل: " لم يأتني مُنْذُ ثَلَاث "
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " هُوَ بِضَم الذَّال لَا غير. وَأما ثَلَاث فبالرفع لَا غير؛ لِأَنَّهُ ذكر ذَلِك يقدر مُدَّة الِانْقِطَاع أَي أمد ذَلِك ثَلَاث لَيَال، و" مُنْذُ " لَهَا موضعان:
مَجِيء " مُنْذُ " جَارة بِمَعْنى فِي للحاضر
أَحدهمَا: أَن تكون للحاضر بِمَعْنى فِي فَتكون حرف جر وتجر مَا بعْدهَا كَقَوْلِك: أَنْت عندنَا مُنْذُ الْيَوْم أَي فِي الْيَوْم
مَجِيء مُنْذُ لبَيَان الْمدَّة
وَالثَّانِي: أَن تذكر لبَيَان الْمدَّة ثمَّ ينظر فِيهِ فَإِن ذكر بعْدهَا الْمدَّة من أَولهَا إِلَى آخرهَا رفعت
1 / 23
الْمدَّة لَا غير كَقَوْلِك: مَا رَأَيْته مُنْذُ يَوْمَانِ ومنذ شهر؛ وَإِن ذكرتها لابتداء مُدَّة الِانْقِطَاع كَقَوْلِك: مَا رَأَيْته مُنْذُ يَوْم الْجُمُعَة، رفعت ذَلِك أَيْضا على تَقْدِير رَأَيْت ذَلِك يَوْم الْجُمُعَة. وَيجوز الْجَرّ على ضعف بِمَعْنى من ".
مَجِيء إِذا للمفاجأة وَتَكون ظرف مَكَان
(١٨) وَفِي حَدِيثه قَوْله [ﷺ]: " قُمْت على بَاب الْجنَّة فَإِذا عَامَّة من دَخلهَا الْمَسَاكِين وَإِذا أَصْحَاب الْجد محبوسون ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: إِذا هَهُنَا للمفاجأة وَهِي ظرف مَكَان. والجيد هَهُنَا أَن ترفع الْمَسَاكِين على أَنه خبر " عَامَّة من يدخلهَا " وَكَذَلِكَ يرفع " محبوسون " على أَنه الْخَبَر " وَإِذا " ظرف للْخَبَر، وَيجوز أَن تنصب " محبوسين " على الْحَال، وَتجْعَل " إِذا " خَبرا، وَالتَّقْدِير: فبالحضرة أَصْحَاب الْجد. فَيكون " محبوسين " حَالا، وَالرَّفْع أَجود، وَالْعَامِل فِي الْحَال إِذا مَا يتَعَلَّق بِهِ من الِاسْتِقْرَار. وَأَصْحَاب صَاحب الْحَال.
إِعْرَاب مَا بعد إِنَّمَا
(١٩) وَفِي حَدِيثه فِي حَدِيث وَفَاة إِبْرَاهِيم: " إِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: يجوز فِي " الرُّحَمَاء " النصب على أَن تكون مَا كَافَّة كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا حرم عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم﴾ .
وَالرَّفْع على تَقْدِير: إِن الَّذِي يرحمه الله، وأفرد على معنى الْجِنْس كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿كَمثل الَّذِي استوقد نَارا﴾ ثمَّ قَالَ: ﴿ذهب الله بنورهم﴾ . وَقد أفردت هَذِه الْمَسْأَلَة بالْكلَام وَذكرت [فِي مَا] وُجُوهًا كَثِيرَة فِي جُزْء مُفْرد.
1 / 24
[٣] مُسْند أُسَامَة بن شريك العامري
إِعْرَاب مَا بعد كَأَنَّمَا
(٢٠) وَفِي حَدِيث أُسَامَة بن شريك العامري: " كَأَنَّمَا على رُءُوسهم الطير ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " يجوز أَن تجْعَل " مَا " كَافَّة فَترفع " الطير " بِالِابْتِدَاءِ و" على رُءُوسهم " الْخَبَر وَبَطل عمل كَأَن بالكف. وَيجوز أَن تجْعَل مَا " زَائِدَة " وتنصب " الطير " بكأن. و" على رُءُوسهم " خَبَرهَا ".
إِعْرَاب غير وَمَا بعْدهَا
(٢١) وَفِيه قَوْله ﵇: " فَإِن الله لم يضع دَاء إِلَّا وضع لَهُ دَوَاء غير دَاء وَاحِد الْهَرم ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " لَا يجوز فِي " غير " هَهُنَا إِلَّا النصب على الِاسْتِثْنَاء من دَاء.
تَوْجِيه ضبط الْهَرم مُثَلّثَة الْمِيم
وَأما " الْهَرم " فَيجوز فِيهِ الرّفْع على تَقْدِير: " هُوَ الْهَرم " والجر على الْبَدَل من دَاء الْمَجْرُور بِغَيْر، وَالنّصب على إِضْمَار أَعنِي.
حذف همزَة الِاسْتِفْهَام لظُهُور مَعْنَاهُ
فَكَانَ أُسَامَة يَقُول - حِين كبر -: " ترَوْنَ لي من دَوَاء؟ ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: يجوز فِي " ترَوْنَ " فتح التَّاء وَضمّهَا. وَالتَّقْدِير: أَتَرَوْنَ؟ وَلكنه حذف همزَة الِاسْتِفْهَام لظُهُور مَعْنَاهَا. وَلَا بُد من تَقْدِيره؛ لأمرين:
أَحدهمَا: أَنه لم [يُحَقّق] أَنهم لم يعرفوا لَهُ دَوَاء.
وَالثَّانِي: أَنه زَاد فِيهِ: " من " وَمن لَا تزاد فِي الْوُجُوب وَإِنَّمَا تزاد فِي النَّفْي والاستفهام وَالنَّهْي ".
1 / 25
مُسْند أُسَامَة بن عُمَيْر الْهُذلِيّ
جَوَاز فتح همزَة أَن وَكسرهَا بعد " يُنَادي "
(٢٢) [وَفِي حَدِيث أُسَامَة بن عُمَيْر الْهُذلِيّ فَأمر النَّبِي مناديه]: " إِن الصَّلَاة فِي الرّحال ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " يجوز فِي " إِن " الْفَتْح على تَقْدِير يُنَادي بِالصَّلَاةِ فِي الرّحال، أَي نَادَى بذلك. وَالْكَسْر على تَقْدِير: فَقَالَ: إِن الصَّلَاة؛ لِأَن النداء قَول، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿فنادته الْمَلَائِكَة﴾ . ثمَّ قَالَ: ﴿أَن الله يبشرك﴾ قرئَ بِالْفَتْح وَالْكَسْر، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿نُودي يَا مُوسَى إِنِّي﴾ . بِالْوَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَدَعَا ربه أَنِّي مغلوب فانتصر﴾ ".
[٥] مُسْند أبي رَافع مولى رَسُول الله [ﷺ] واسْمه " أسلم "
مَا ينصب على الِاخْتِصَاص
(٢٣) وَفِي حَدِيث أبي رَافع مولى رَسُول الله [ﷺ]، وَقَوله [ﷺ]: " إِنَّا - آل مُحَمَّد - لَا تحل لنا الصَّدَقَة ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " آل " بإضمار أَعنِي، وأخص، وَلَيْسَ بمرفوع على أَنه خبر إِن [لِأَن ذَلِك مَعْلُوم لَا يحْتَاج إِلَى ذكره وَخبر إِن:] " لَا تحل لنا الصَّدَقَة ".
1 / 26
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(نَحن - بني ضبة - أَصْحَاب الْجمل ...)
وَهُوَ // (كثير فِي الشّعْر) //
[٦] مُسْند أسيد بن نصير
مَا يصرف وَلَا يصرف
(٢٤) وَفِي حَدِيث أسيد بن حضير: عَن النَّبِي [ﷺ] أَنه قَالَ: " الصَّلَاة فِي مَسْجِد قبَاء كعمرة ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " الْجيد فِي قبَاء الصّرْف ووزنه فعال [وَهُوَ على هَذَا مُذَكّر وَمِنْهُم] . من لَا " يصرفهُ " يَجعله اسْما للبقعة مؤنثا.
[٧] مُسْند الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ
لَا يجوز غير الرّفْع
(٢٥) وَفِي حَدِيث الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ: أَن النَّبِي [ﷺ] قَالَ: " لَا يشْكر الله من لَا يشْكر النَّاس ".
1 / 27
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " الرّفْع فِي الشُّكْر فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَا يجوز غَيره؛ لِأَنَّهُ خبر وَلَيْسَ بنهي وَلَا شَرط، وَمن بِمَعْنى الَّذِي ".
إِضْمَار الْفِعْل، وإضمار الْمُبْتَدَأ
(٢٦) وَفِي حَدِيثه: أَنه خَاصم رجلا فِي بِئْر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله [ﷺ]: " بينتك أَنَّهَا بئرك وَإِلَّا فيمينه ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: الْوَجْه " بينتك " بِالنّصب على تَقْدِير هَات، أَو أحضر، وَأَنَّهَا بِالْفَتْح لَا غير، وَالْكَسْر خطأ فَاحش.
جَوَاز النصب وَالرَّفْع فِي كلمة " فيمينه "
وَقَوله: " وَإِلَّا فيمينه " يجوز فِيهِ النصب على تَقْدِير: وَإِلَّا فاستوف يَمِينه، وَالرَّفْع على تَقْدِير: وَإِلَّا ذَلِك يَمِينه على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر ".
[٨] مُسْند أُميَّة بن مخشي الْخُزَاعِيّ
حذف الْمُضَاف وَإِقَامَة الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه
(٢٧) وَفِي حَدِيث أُميَّة بن مخشي الْخُزَاعِيّ: قَوْله فِي أكل الطَّعَام: " باسم الله أَوله وَآخره ".
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى: " الْجيد " النصب " فيهمَا وَالتَّقْدِير: عِنْد أَوله وَعند آخِره. فَحذف عِنْد وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه، وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: الْآتِي بِالتَّسْمِيَةِ أَوله وَآخره.
وَيجوز الْجَرّ على تَقْدِير: فِي، أَي: فِي أَوله وَآخره.
1 / 28
[٩] مُسْند أنس بن مَالك
تسع قضايا نحوية فِي حَدِيث الشَّفَاعَة
(٢٨) وَفِي حَدِيث أنس بن مَالك أَنه قَالَ: " يجمع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فيلهمون ذَلِك فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا على رَبنَا ".
(أ) قَالَ الشَّيْخ ﵀: " ذَلِك " إِشَارَة إِلَى الْمَذْكُور بعده وَهُوَ حَدِيث الشَّفَاعَة، وَيجوز أَن يكون قد جرى ذكره قبل، فَأَشَارَ بذلك إِلَيْهِ ثمَّ ذكر " بعده " مِنْهُ طَائِفَة.
تَعديَة اسْتَشْفَعْنَا بعلى
(ب) وَأما قَوْله: " على رَبنَا " فَهُوَ عدي " اسْتَشْفَعْنَا " بعلى، وَهِي فِي الْأَكْثَر تتعدى بإلى لِأَن معنى استشفعت: توسلت فيتعدى بإلى، وَمَعْنَاهَا أَيْضا استعنت وَهَذَا الْفِعْل يتَعَدَّى بعلى [وَمَعْنَاهَا أَيْضا تحملت]، يُقَال: استشفعت إِلَيْهِ، واستعنت، وتحملت: عَلَيْهِ، بِمَعْنى وَاحِد، وَمن هَذَا قَول الشَّاعِر:
(إِذا رضيت على بَنو قُشَيْر ... - لعمر أَبِيك - أعجبني رِضَاهَا)
1 / 29
اسْتِعْمَال هُنَا للزمان وَالْمَكَان
فعداه بعلى. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِنَّمَا سَاغَ ذَلِك لِأَن مَعْنَاهُ: أَقبلت عَليّ.
(ج) قَوْله وَفِيه: " لست هُنَاكُم ".
قَالَ الشَّيْخ ﵀: " هُنَا " فِي الأَصْل ظرف مَكَان، وَقد اسْتعْملت للزمان، وَمَعْنَاهَا هَهُنَا: عِنْدِي، لست عِنْد حَاجَتكُمْ أمنعكم، وَالْكَاف وَالْمِيم " لخطاب " الْجَمَاعَة.
حذف حرف الْجَرّ للْعلم بِهِ
(د) وَقَوله: " فيستحي ربه ﷿ من ذَلِك ".
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى: الأَصْل: من ربه. فَحذف " من " للْعلم بهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا﴾ . وَيجوز أَلا يكون فِيهِ حذف وَيكون الْمَعْنى يخْشَى ربه، أَو يخَاف ربه؛ لِأَن الاستحياء والخشية بِمَعْنى ".
حذف الْمُبْتَدَأ
(هـ) قَوْله: " ائْتُوا مُوسَى عبد الله " تَقْدِيره: " هُوَ عبد الله " وَلَو نصب جَازَ على الْبَدَل، وعَلى الْحَال. وَالرَّفْع أفخم ".
(و) وَقَوله: " " ائْتُوا عِيسَى عبد الله " الرّفْع فِيهِ أَجود كَمَا رفع فِيمَا قبله على التَّعْظِيم، وَيجوز النصب على الْبَدَل أَو الصّفة ".
(ز) وَفِيه: " " ائْتُوا مُحَمَّدًا -[ﷺ]- عبدا غفر الله لَهُ " فنصب هَهُنَا على الْبَدَل، أَو الْحَال على إِضْمَار أعنى، وَلَو رفع كَمَا رفع " عبد كَلمه الله " لجَاز ".
وُقُوع الْمصدر المؤول بدل اشْتِمَال
(ح) وَقَوله: " أنْتَظر أمتِي تعبر الصِّرَاط ".
التَّقْدِير: أنْتَظر أمتِي أَن تعبر [على الصِّرَاط] فَأن وَالْفِعْل فِي تَقْدِير مصدر مَوْضِعه نصب بَدَلا من الْأمة بدل الاشتمال وَلما حذف أَن رفع أنْتَظر. ونصبه جَائِز.
تعدد الْخَبَر
(ط) وَفِيه: " فالخلق ملجمون فِي الْعرق " يجوز أَن يكون الْمَعْنى أَنهم فِي الْعرق ملجمون
1 / 30
بِغَيْرِهِ. فَيكون " فِي الْعرق " خَبرا عَن الْخلق، وملجمون خَبرا آخر. وَيجوز أَن تكون فِي بِمَعْنى الْبَاء وَيكون الْعرق ألجمهم.
إِثْبَات النُّون مَعَ حَتَّى ضَرُورَة
(٢٩) وَفِي حَدِيث أنس [من] حَدِيث الْغَار:
(أ) قَوْله: " إِنَّه كَانَ لي والدان فَكنت أحلب لَهما فِي إنائهما، فآتيهما فَإِذا وجدتهما راقدين قُمْت على رءوسهما كَرَاهِيَة أَن أرد سنتهما حَتَّى يستيقظان مَتى استيقظا " هَكَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة حَتَّى يستيقظان بالنُّون وَفِيه عدَّة أوجه:
أَحدهمَا: أَن يكون ذَلِك سَهوا من الروَاة، وَقد وَقع ذَلِك مِنْهُم كثيرا. وَالْوَجْه حذفهَا بحتى؛ لِأَن مَعْنَاهَا إِلَى أَن، وَيتَعَلَّق بقمت.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن يكون ذَلِك على مَا فِي شذوذ الشّعْر.
قَالَ الشَّاعِر:
(يَا صَاحِبي فدت نَفسِي نفوسكما ... وحيثما كُنْتُم لقيتما رشدا)
(تحملا حَاجَة لي خف محملها ... تستوجبا نعْمَة مني بهَا ويدا)
(أَن تقرآن على أَسمَاء - ويحكما - ... مني السَّلَام وَأَن لَا تخبرا أحدا)
فَأثْبت النُّون فِي مَوضِع النصب، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الحَدِيث؛ لِأَن الْمَعْنى إِلَى أَن يستيقظا.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن يكون على حذف مُبْتَدأ أَي حَتَّى هما يستيقظان.
1 / 31
حذف جَوَاب مَتى للْعلم بِهِ
(ب) وَقَوله: " مَتى استيقظا " تَقْدِيره: " سقيتهما "، وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى: أؤخر وأنتظر أَي وَقت استيقظا.
الرّفْع على الْحِكَايَة
(٣٠) وَفِي حَدِيث أنس: " وَلَا تنقشوا فِي خواتيمكم عَرَبِيّ " إِنَّمَا رفع عَرَبِيّ لِأَنَّهُ حِكَايَة لقَوْله: " مُحَمَّد رَسُول الله " فَهُوَ على الْحِكَايَة أَي: لَا تنقشوا مَا صورته عَرَبِيّ.
تَوْجِيه رِوَايَة يتبع الْمَيِّت ثَلَاث
(٣١) وَفِي حَدِيث أنس: " يتبع الْمَيِّت ثَلَاث: أَهله وَمَاله وَعَمله، فَيرجع اثْنَان وَيبقى وَاحِد. يرجع أَهله، وَمَاله، وَيبقى عمله ".
الْوَجْه أَن يُقَال: ثَلَاثَة؛ لِأَن الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة مذكرات كلهَا، وَلذَلِك قَالَ: " يرجع اثْنَان، وَيبقى وَاحِد " فَذكر. وَالْأَشْبَه أَنه من تَغْيِير الروَاة من هَذَا الطَّرِيق.
وَيحْتَمل أَن يكون الْوَجْه ثَلَاث علق. والواحدة علقَة؛ لِأَن كلا من هَذِه الْمَذْكُورَات علقَة، ثمَّ إِنَّه ذكر بعد ذَلِك حملا على اللَّفْظ بعد أَن حمل الأول على الْمَعْنى، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا﴾ بتأنيث الأول وتذكير الثَّانِي.
مَجِيء اسْم " مَا " نكرَة مَعَ تقدمه. وَحمل " مَا " على " لَا ".
٣٢ - وَفِي حَدِيثه: أَنه سُئِلَ عَن الشّرْب فِي الأوعية ثمَّ قيل لَهُ: فالرصاص والقارورة فَقَالَ: " مَا بَأْس بهما "، جعل اسْم " مَا " نكرَة، وَالْخَبَر جَار ومجرور.
1 / 32
وَالْأَكْثَر فِي كَلَامهم أَن يقدم هَهُنَا الْخَبَر فَيُقَال: مَا بهما بَأْس، وَتَقْدِيم الْمُبْتَدَأ غير جَائِز؛ لِأَن الْبَأْس مصدر، وتعريف الْمصدر وتنكيره متقاربان. وَقد قَالُوا: لَا رجل فِي الدَّار، فَرفعُوا بِلَا النكرَة. و" مَا " قربت مِنْهَا.
تَوْجِيه فأصلي لكم
(٣٣) وَفِي حَدِيثه: " قومُوا فلأصلي لكم " وَلم يقل: " بكم "؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ من أجلكم لتقتدوا بِي.
حذف الْألف وَجعل الْهَاء بَدَلا مِنْهَا،
(٣٤) وَفِي حَدِيثه حَدِيث الْوَلِيمَة فَقلت: فَمه؟ .
1 / 33