Iclam Bima Fi Din Nasara

Al-Qurtubi d. 671 AH
90

Iclam Bima Fi Din Nasara

الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام

Chercheur

د. أحمد حجازي السقا

Maison d'édition

دار التراث العربي

Lieu d'édition

القاهرة

ثمَّ من عَجِيب أَمر هَؤُلَاءِ الْقَوْم أَنهم يَزْعمُونَ أَن عِيسَى ﵇ أيد نَفرا من الحواريين بإحياء الْمَوْتَى وجعلهم رسلًا إِلَى الْأَجْنَاس فأحيوا الْمَوْتَى بزعمهم فَمَا الَّذِي أوجب أَن يكون الْمَسِيح فِي حَال ألوهيته قد أيد بذلك بشرا وَجعله رَسُولا إِلَى الْأَجْنَاس كَمَا زَعَمُوا وَمَا الَّذِي منع أَن يكون الله ﷿ يُؤَيّد بذلك بشرا ويجعله رَسُولا إِلَى النَّاس فَإِن كَانَ الْمَسِيح من أجل أَنه أَحْيَا مَيتا هُوَ الله فَكل من أَحْيَا مَيتا من الحواريين وَغَيرهم هُوَ الله ثمَّ كل خارق للْعَادَة يجعلونه دَلِيلا على ألوهيته فَإِنَّهُم يعارضون بِمثل ذَلِك فِي حق غَيره من الْأَنْبِيَاء ﵇ ويدعى ألوهيته فَلَا يَجدونَ فصلا بَينهم وَبَين من يعارضهم وَأما من اسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهُ خلق من غير أَب فَيلْزمهُ أَن يعْتَرف لآدَم بألوهية فَإِنَّهُ لم يخلق من نُطْفَة أَب بل إِنَّمَا خلق من تربة أَرض ثمَّ نفخ فِيهِ من روحه كَمَا فعل بِعِيسَى خلقه من نفخة الْملك فعلقت بلحمة مَرْيَم فَنَشَأَ مِنْهَا وفيهَا فتربه بِمَنْزِلَة لَحْمه ونفخه بِمَثَابَة نفخه وَهَذَا مَالا مخلص مِنْهُ وَلَا خُرُوج عَنهُ ثمَّ أكْرمه الله تَعَالَى بأنواع من الكرامات لم يكرم بهَا غَيره مِنْهَا أَنه أَسجد لَهُ مَلَائكَته وأعلمه بِمَا لم يعلمهُمْ حَتَّى جعله رَسُولا إِلَيْهِم وَكفى بِهَذَا شرفا إِلَى مَا هُنَالك من خَصَائِصه وَمن فضائله بل لَو أمكن لأحد أَن يَقُول إِن بشرا يتَصَوَّر أَن يكون إِلَهًا لكَونه من غير أَب لَكَانَ آدم أولى بذلك من حَيْثُ أَنه لم تشْتَمل عَلَيْهِ أوضار الرَّحِم فقد شَارك الْمَسِيح فِي كَونه من غير أَب وَزَاد عَلَيْهِ أَنه من غير أم لم يتكون فِي ظلمَة الرَّحِم وَلم يتلطخ بِدَم الطمث وَلَا خرج

1 / 136