Iclam Bima Fi Din Nasara
الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام
Chercheur
د. أحمد حجازي السقا
Maison d'édition
دار التراث العربي
Lieu d'édition
القاهرة
لما أقرّ عُلَمَاء الْمَجُوس بِالْقُوَّةِ الماسكة لكل شَيْء وَأَرَادَ بَعضهم أَن ينزلوها جوهرا غير حَيّ وَلَا مستغن بِنَفسِهِ وَجب علينا أَن نحتج عَلَيْهِم بِمَا يضمهم إِلَى الْإِقْرَار بِأَن تِلْكَ الْقُدْرَة ذَات علم وَإِرَادَة
قَالَ وَقد رد علينا هَذِه الْمقَالة برفيريش فَقَالَ لَا نقُول أَنه شَيْء فَيكون قد سميناه بالإشياء الَّتِي لَا تسلم من عيب وَلَكنَّا نقُول إِنَّه وَلَا نقُول شَيْء ثمَّ قَالَ ألستم تقرأون أَن الَّذِي قدر هُوَ الَّذِي علم وَأَن الَّذِي علم هُوَ الَّذِي أَرَادَ فَهُوَ وَاحِد فِي جَمِيع الْمعَانِي وَإِنَّمَا الْقُدْرَة وَالْعلم والإرادة أَسمَاء صَارَت فِيمَا بَين الْخلق والمخلوق وَلَيْسَت لَا خالقة وَلَا مخلوقة لِأَنَّهُ لَو لم يكن الشَّيْء الْمَقْدُور لم يسم ذَا قدرَة وَلَو لم يكن الشَّيْء الْمَعْلُوم لم يسم ذَا علم وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْإِرَادَة فَهَذِهِ الْأَسْمَاء إِنَّمَا هِيَ أَعْرَاض وَأَسْمَاء فِيمَا بَينه وَبَين الْخلق مثل قَوْلنَا ذُو رَحْمَة وَذُو حكم وَذُو عِقَاب فَلَو لم يكن الْخلق المرحوم لم يلْزمه اسْم الرَّحْمَة وَكَذَلِكَ غَيرهَا
قَالَ أغشتين فِي جَوَابه عَن قَوْله لَا نقُول أَن لكل شَيْء عقيب وَمَا لم يكن لَهُ عقيب فَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن عقيب شَيْء لَا شَيْء وَإِذا كَانَ إِنَّمَا ينفى عَنهُ اسْم شَيْء لِأَن الْأَشْيَاء كلهَا لَهُ فَمثل ذَلِك يجب عَلَيْهِ فِي قَوْله أَن أَو قَوْله كَانَ مَعَ أَنا لَا نَعْرِف شَيْئا نقُول فِيهِ أَن إِلَّا بعد معرفتنا إِيَّاه شَيْئا وحسبنا فِي هَذَا قَوْلنَا شَيْء لَيْسَ كشيء من جَمِيع الْأَشْيَاء
قَالَ وَأما قَوْله أَن الْقُدْرَة وَالْعلم إِنَّمَا هِيَ أَعْرَاض لزمنه فِيمَا بَينه وَبَين الْخلق وَأَنَّهَا مثل الرَّحْمَة وَالْحكم فَأَنا نحتج عَلَيْهِ فِي ذَلِك بِأَن نقُول لست تنكر أَنه كَانَ قبل الْأَشْيَاء وَدون الْأَشْيَاء بِلَا إبتداء فَهَل تقدر أَن تجحد أَنه كَانَ أبدا قَادِرًا فَإِذا أَقرَرت أَنه لم يزل قَادِرًا فقد أَقرَرت أَن الْقُدْرَة صفة أزلية فَإِن قلت أَنه لَا يجوز أَن يُسمى قبل أَن يكون الشَّيْء الْمَقْدُور عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُسمى قَادِرًا بعد كَون الشَّيْء الْمَقْدُور علينا قُلْنَا أَفَكَانَ يقدر على أَن يقدر أم لَا فَلَا بُد لَك من أَن تَقول كَانَ يقدر على أَن يقدر أم لَا فَلَا بُد لَك من أَن تَقول كَانَ يقدر فيلزمك وَصفه بِالْقُدْرَةِ على كل حَال
1 / 82