الحديث هو الصواب؛ وذلك لأن حذف التاء إنما جاء عند حذف المعدود المذكر إذا كان المعدود هو الأيام خاصة دون ما سواها من المذكر، كقوله تعالى (يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَعشرًا)، وكقوله تعالى: (إِن لَبِثتُم إِلاّ يَومًا)، فليس المراد في الاثنين عشر ليال بل عشرة أيام، أو عشر ليال بأيامها، وغلب المؤنث على المذكر، وكقوله ﷺ: (بست من شوال)، ومثله ما حكاه الكسائي: (صمنا من الشهر خمسا)، والصوم إنما يكون في الأيام دون الليالي.
وقال الزمخشري في قوله تعالى: (وَعشرًا): وقيل: عشرا ذهابًا إلى الليالي والأيام داخلة معها، ولا تراهم قد يستعملون التذكير فيه ذابين إلى الأيام تقول: صمت عشرا، ولو ذكرت خرجت من كلامهم.
وهذا الذي قاله الزمخشري يوافقه ما قاله سيبويه؛ فإنه قال: (وتقول: سار خمس عشرة من بين يوم وليلة؛ لأنك ألقيت الاسم على الليالي ثم بينت فقلت: من بين يوم وليلة، ألا ترى أنك تقول: لخمس بقين أو خلون، ويعلم المخاطب أن الأيام قد دخلت في الليالي، فإذا ألقي الاسم على الليالي اكتفي بذلك عن ذكر الأيام، كما تقول: أتيته ضحوة وبكرة، فيعلم المخاطب أنه ضحوة يومك وبكرة يومك، واشابه هذا في الكلام كثير، فإنما قوله: من بين يوم وليلة، توكيد؛ لأنه قد علم أن الأيام فاضلة على الليالي.
1 / 32