حسن التعبير بقوله: (رفع القلم)؛ لأنه أمر متجدد بعد الشرع وكان قريبا من الحقيقة في معنى الرفع، وفي استدعائه الوضع؛ لأنه وضع على غيره وعليه في خطاب الوضع وغيره من الإباحة والندب، ورفع في الوجوب والتحريم خاصة، ويؤيد هذا أنه على هذا التقدير يكون قوله ﷺ: (رفع القلم) إثباتا لحكم شرعي، وعلى تقدير أن يراد عدم التكليف الأصلي كما قبل البعثة يكون حكما عقليا، وحمل كلام الشارع على الشرعي أولى. هذا في الصبي المميز.
أما غير المميز والمجنون والنائم فتكليفهم يبنى على تكليف ما لا يطاق، ومذهب أهل السنة جوازه، وهو قبل البعثة منتف بالأدلة الدالة على عدم التكليف، فإنه عام فيما يطاق ففي غيره أولى، أما بعد البعثة وثبوت الأحكام في جميع المرسل إليهم احتمل أن يقال بدخول غير المميز في التكليف بناء على تكليف ما لا يطاق وتكليف العاقل، فرفعه بقوله: (رفع القلم عن ثلاثة) .
وقد تبين لك بهذه المباحث أن هؤلاء الثلاثة ليسوا كمن قبل البعثة، وظهر موقع الحديث فيه وهو يحسن أن يكون جوابا عن قوله: (رفع) وتفسيرا له مع ما تقدم.
1 / 61