فلم تذق دمشق آنذاك حلاوه الايمان، ولا كان لها حظ مما تعلمه جيل المدينه المنوره من مكارم الاخلاق ومعالى القيم الاسلاميه الشامله، حتى اذا بلغت الجراه بالوالى معاويه ان يترك تجاره الخمر حره لم يجد بين اهلها من ينكر عليه، ولا حتى من بعض الصحابه الذين كانوا معه، من هنا عد صنيع الصحابى البدرى العقبى النقيب عباده بن الصامت شاذا، لينال جزاءه من عاصمه الخلافه، ذلك انه (رضى الله) كان في الشام فمرت عليه قطاره من الابل تحمل خمرا. فقال: ما هذه! ازيت؟ قيل: لا، بل خمر يباع لمعاويه! فاخذ شفره من السوق فقام اليها واراق ما فيها.
فارسل معاويه الى ابى هريره، وكان هناك، فقال له: الا تمسك عنا اخاك عباده! فاتاه ابو هريره فقال: يا عباده، ما لك ولمعاويه! ذره وما حمل.
فقال عباده: لم تكن معنا اذ بايعنا على السمع والطاعه، والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، والا ياخذنا في الله لومه لائم.
فسكت ابو هريره.
فكتب معاويه الى الخليفه آنذاك عثمان بن عفان (رضى الله): ان عباده بن الصامت قد افسد على الشام!.
فكان قرار العاصمه على الاثر باجلاء عباده من دمشق الى المدينه، حفاظا على (صلاح الشام)!.
فكان صلاح الشام اذن على تلك الصوره، حتى اذا راى الوالى ان (صلاح الشام) على تلك الحاله يستدعى الخروج على الامام الحق الذى عقدت له البيعه ، فلا مانع من ذلك، وليسلك اليه اى سبيل يفى له بالغرض، فليس في من حوله من يعرف احاديث النبى (ص) التى عدت الخروج على الامام العادل كفرا بالله تعالى وخروجا عن الاسلام، وليس فيهم من يعرف من هو على بن ابى طالب كى يتردد في الخروج عليه.
Page 10