Le Fils du Sultan : et autres histoires
ابن السلطان: وقصص أخرى
Genres
ثم ونحن عائدون: الدنيا عتمة. النجوم خبأت وجوهها عنا. القمر لا يرى الدموع على خد أمي. يدي المتشبثة بطرف ملاءتها تحس برجفة صدرها. الكلام مات. حتى الأفكار ابتلعتها العفاريت. والدنيا ليس فيها راحة.
عندما فتح أبي الباب، لمحت عينيه الواسعتين كجناحي نسر تهبطان على رأس أمي المطرقة. «عدنا يا أبي فوفر علينا الكلام. يكفي أن تقول: رجعتم؟»
ويفتح أبي غرفة الجلوس ويقول: تفضل يا بيك! ويرفع عينيه إلى الحائط فيرى اللوحة مقلوبة على ظهرها فيصرخ: من قلب اللوحة! هه؟ من قلب اللوحة؟! فأخلع حذائي وأقف على الكنبة وأسويها وأنا أقول: لا أحد يا أبي. لا بد أنها الريح.
1964م
التابوت
أخيرا زرت المتحف يا عبد الموجود. زيارة كان نفسك فيها من زمان. آخ يا دماغي! لا بد أن عندك حمى. رأسك ساخن. مفاصلك ترتعش. والنبض أيضا سريع. من أربعين سنة وأنت تحلم بهذه الزيارة. هل تذكر يوم ذهبت لأول مرة في رحلة مع المدرسة؟ كنت أيامها بالبنطلون القصير يا عبد الموجود. والمدرس أيضا كان قصيرا. ومن الذي لا يبدو قصيرا أمام تمثال رمسيس؟! والأسماء الكثيرة ما زلت تذكرها. ولكن في أي دولة هي؟ دماغي سينفجر. أين الثلج الذي وضعته زوجتك إلى جانبك؟ على الكرسي أم على المكتب؟ آخ! بل هو على رأسك. ومع ذلك فأين ذهب؟ لا بد أنه الآن يغلي. يا لطيف! خوفو وخفرع وأحمس الشجاع وأخناتون النحيف المسلول. لكن الأيام تمر. والسنين تمر. والأتوبيس يمر كل يوم على المتحف. ولكنك لا تنزل منه. لا تنزل منه يا عبد الموجود. المتاحف خلقت للسواح. وزوجتك عندها شغل في المطبخ. والأولاد يلزم لهم ملابس للشتاء. والدوسيهات لا بد أن تراجعها بالليل. وعيشة الدنيا تعب. عيشة الدنيا تعب يا عبد الموجود.
اليوم هو الجمعة؛ لأنك خرجت من المتحف على الصلاة. القاعة كانت مزدحمة يا عبد الموجود. ودفعت فيها خمسة وعشرين قرشا. والسواح كانوا في كل مكان. حمر وبيض وعيونهم خضر وشعرهم أشقر وطويل. والصناديق الزجاجية كانت مرصوصة إلى جانب بعضها. عشرة عشرين ثلاثين. شبان وعجائز ونساء. وأحمس شعره ما زال هناك. الغريبة أن شعره أصفر، أصفر مثل شعر الإنجليز. والجلد ما زال على حاله، وحتى الأسنان. والشابة التي على اليمين فيها ملامح من زوجتك. وجهها عريض، عظم خديها بارز. بشرتها سمراء، الابتسامة لا تزال على شفتيها. لا بد أن دمها كان خفيفا. والصلاة وجبت يا عبد الموجود. والجامع كان على آخره. وفرشت الجرنال على الرصيف. آخ يا دماغي! الشمس كانت تلسع. الشمس هي السبب. وأحمس أسنانه لا زالت تلمع. والبنت السمراء لا زالت تبتسم. من ثلاثة آلاف سنة؟ أو أربعة آلاف؟ أو حتى خمسة؟ من يدري يا عبد الموجود؟ ويحنطونك في صندوق من زجاج. والسواح تتفرج عليك؟ ويعرفون أنك كنت موظفا في الأرشيف؟ أربعين سنة؟ أربعين سنة يا عبد الموجود؟
اليوم إجازة. أول إجازة بحق وحقيق. استرح لك يوما يا عبد الموجود. يوما من نفسك! أربعين سنة وأنت تعمل مثل الحمار. أربعين سنة وأنت تصحو من النوم، وتجري على الديوان، وتجلس على المكتب، وتفحص البوستة، وتسرك الجوابات، وتفرز الصادر من الوارد. أربعين سنة وأنت تشرب الشاي وتأكل الفول، وتقرأ الجرنال، وتقف زنهار أمام الرئيس والمدير. أربعين سنة وأصبحت على المعاش يا عبد الموجود؟ الشمس كانت نار. وقاعة المومياء ملآنة بالتوابيت والسواح شعرهم أشقر وعيونهم خضراء. شباب وصحة وملك صحيح. وأحمس راقد على ظهره. والبنت السمراء أم شعر أسمر تبتسم. وتحتمس وجهه متآكل. ومكانك معهم يا عبد الموجود، مكانك معهم في الصندوق أو في التابوت.
عندما تدخل في الصباح إلى الديوان سيكونون جميعا في استقبالك، السعاة واقفون على الجانبين. حللهم زرقاء. وجوههم المصفرة تبتسم. يقفون على الجانبين ليحيوك. أيديهم الخشنة تريد أن تمتد لتصافحك. وفي أعلى السلم ستلمح رئيس القلم ومدير الإدارة والمدير العام. نعم إنهم ينتظرونك. ابتسامتهم العريضة ستخجل تواضعك، ولكن حاول ألا تتعثر في الطريق! لماذا الخجل يا عبد الموجود؟ ألأنك تلبس حلتك السوداء؟ ولكنهم رأوها عليك من قبل. ألأنك تلبس قميصا جديدا، ياقته منشاة؟ ولكنه يبدو كذلك فحسب. أم لأنك تلبس حذاء شديد اللمعان؟
سيسلمون عليك. سيرحبون بك (حاذر فربما أخذوك بالأحضان!) سيقولون لك: كل شيء جاهز وعلى ما يرام. الأوراق منتهية. والمعاش ستقبضه بالكمال والتمام. ولكن قبل الإمضاء تعال لنحتفل بك. لا تحاول أن تعتذر؛ فكل شيء جاهز كما قالوا. والشمس لا تلسع رأسك. ومكانك محفوظ في قاعة المومياء.
Page inconnue