Ibn Rumi : Sa vie à travers ses poèmes
ابن الرومي: حياته من شعره
Genres
إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
وصيروا الأبراج العليا مرتبة
ما كان منقلبا أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة
ما دار في فلك منها وفي قطب
وليس يصعب علينا أن نتمثل كيف يكون أثر ذلك المذنب المرهوب أول ظهوره في زمان كذلك الزمان، وبين أناس كأولئك الأناس، قد غلب عليهم الاشتغال بالتنجيم صادقه ومكذوبه، وكثر بينهم جدا من يعلقون حوادث الأرض بأنباء النجوم.
ولقد تردد ذكر السعود والنحوس وأسماء الكواكب في كلام شعراء القرن الثالث والقرن الذي بعده من أثر هذه العوامل كلها، فألمع إليها أبو تمام والبحتري مرارا، وأفرط ابن الرومي في الإشارة إليها؛ لأنه كان أعلم من صاحبيه بهذه المطالب، وتمادى الأمر بمن بعدهم حتى أصبح درس النجوم فريضة على كل رجل مثقف مطلع على آداب زمانه، ولو كان كالمعري مكفوف البصر غير صالح للتوسع في هذا الباب، فكان رهين المحبسين يذكرها في سقط الزند واللزوميات، ويصف مواقعها، ويتكلم عن مقارناتها كأنه فلكي مشتغل بصناعته، وليس بأديب ضرير واضح العذر في جهل هذه الصناعة.
ثم اتفق أن راجت عقيدة النجوم في الأسرتين اللتين علق بهما ابن الرومي، وكان لهما نصيب من شعره ومدحه وعتابه أكبر من نصيب سائر ممدوحيه، نعني أسرة بني طاهر وأسرة بني وهب، وهما أقوى وأغنى من حكم في ذلك الزمان من الأسر التي تصرفت في الدولة، وتصدى أبناؤها للمدح والعطاء، وتولية الأنصار، وعزل الخصوم، فلما مات محمد بن عبد الله بن طاهر وخسف القمر تحدث أهله، وتحدث الناس أن القمر خسف لموته، وكتب ذلك المؤرخون فيما كتبوا من تاريخه، وذكره ابن الرومي في بعض شعره فقال:
بات الأمير وبات بدر سمائنا
هذا يودعنا وهذا يكسف
Page inconnue