Le Fils de l'Homme : La Vie d'un Prophète
ابن الإنسان: حياة نبي
Genres
فهل عليه أن يجيب عن أسئلته فيفسر له أمر النجوم والنبوءات والمستقبل؟ يسكت؛ لأنه لا ينتظر الخلاص على أيدي الناس، يسكت؛ لأن هذا اليهودي وذلك المشرك ليسا في نظره الذي يستطيع أن يخرق به حجب السماوات سوى مظهرين.
من أجل ذلك عده هيرودس مجنونا غاصبا لصيت يوحنا من غير أن يكون وارثا لحكمته اللاذعة، فلا يصلح إلا ليكون مهزأة، فيلبسه هيرودس لباس المجانين اللامع ويعيده إلى بيلاطس.
وفي ذلك الحين تلاحظ زوجة الوالي من النافذة ذلك الرجل الذي علمت عنه أمورا محيرة للعقول في تلك الأيام، وهي قد تأملت في السنوات التي قضتها بين اليهود أشياء كثيرة فسرها لها فلاسفة رومة والإسكندرية وأساتذة أورشليم، ويشوب معارفها خرافات غير قليلة يضاف إليها ما تشعر به، لا ريب، من العطف على ذلك الناصري الذي يملأ منظره أفئدة النساء، وترسل رسولا إلى زوجها؛ ليبلغ إليه قولها: «إياك وذلك البار؛ لأني تألمت اليوم كثيرا في حلم من أجله.»
جاء إنذارها ذلك مؤيدا لرأي بيلاطس في هوس يسوع وحماسته، ويغضب بيلاطس من عناد الكهنة ذوي الأثرة الذين يودون أن يضحوا من أجل مذاهبهم بمنافس قادر على اختطاف ما لهم من الحظوة لدى الشعب، ويخرج إليهم للمرة الثالثة ويقول لهم: «لم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه، ولا هيرودس أيضا، فأنا أؤدبه وأطلقه.»
وإن الأمر لكذلك؛ إذ يقبل جم غفير من المدينة ليتجمع في يوم عيد الفصح هذا تبعا لعادة قديمة؛ فمن عادة الرومان أن يعفوا في عيد الفصح من كل سنة عن محكوم عليه؛ وذلك ابتهاجا بالخروج من مصر، وتخفيفا لوطأة سلطانهم، وجعلها أقل إيلاما في نفوس المغلوبين، ويصل الجمع إلى باب القلعة، ويبدأ بالصراخ كالأولاد مطالبا باتباع العادة القديمة، وطامعا في إنقاذ حياة رجل، فيقول: «جاء الفصح، فأطلق سجينا!»
قال بيلاطس في نفسه: أليست هذه آية؟ وخاطب بيلاطس الجمع بقوله: «أتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود؟»
ويخفى ما في قول بيلاطس هذا من التهكم الخفي على الجمهور وعلى الكهنة، الذين كان يدور في رءوسهم من القلق ما يشغلهم، والكهنة يعرفون تقلب الشعب؛ فيكفي تكرير كلمة أو هتاف لإطلاق ذلك النبي الخطر، الذي يلوح أن رومة تود حمايته، فهنالك يذكر أحدهم سجينا آخر من أبطال الحرية الذين يمقتهم الكهنة مع حب الشعب لهم، فهذا السجين الحمس هو الذي وصل مع عصابة من الجليليين إلى هنا في الخريف الماضي، فسب الحرس الروماني فوقف، هو من أتباع يهوذا، هو باراباس! «باراباس!» هذا ما صرخ به أعضاء المجمع الكبير عالمين ما فيه من معنى، «باراباس!» هذا الذي هتف باسمه في الصفوف الأمامية.
دوى المكان كله باسم باراباس، وقال الجميع، حتى الذين لا يعرفون باراباس، بصوت عال: «أطلق لنا باراباس!»
ويعمل بيلاطس مرة أخرى على إنقاذ يسوع المتهوس من الكهنة، ويعمل أيضا على إلقاء المسئولية عن عاتقه في حكم صعب كذلك، وأن يغسل يديه منه أمام الشعب، فيجد في بهجة العيد ما يجيز له أن يصدر عفوا آخر، فيجعل الكلمة الأخيرة للشعب فيسأله: «ماذا تريدون أن أفعل بالذي تدعونه ملك اليهود؟»
فيصرخ الشعب قائلا: «اصلبه!» هذا ما نعق به الكهنة بصوت واحد: «اصلبه!» هذا ما ردده المكان والطرق «اصلبه!» هذا نعيق ألوف الناس بما لا يعرفون، ومثل هذا نعيق الجمهور في كل زمن، وفي ألفي السنة القادمين!
Page inconnue