Le Fils de l'Homme : La Vie d'un Prophète
ابن الإنسان: حياة نبي
Genres
8
ثلاث مرات، فتشخص أبصار من هم على الرصيفين الأسفلين حين ذبح ذلك الكبش المنذور.
هنالك يتقدم الكهنة تحت الأروقة رافعين أصواتهم بالصلوات، راكعين ما أحرق البخور في المذبح الذهبي، ويقرع اللاويون الأجران، وتعزف المعازف، ويرتل المنشدون الزبور، وفي كل ثماني فواصل ينفخ في الصور
9
فيخر القوم ساجدين.
وكلما تقدم النهار ضاقت أروقة الهيكل بالناس، فإذا حل وقت الظهر ودنا وقت الشعائر الثانية ازدحموا، وعلت الأصوات، فكانت سوق في فناء الغرباء؛ حيث يباع ويشرى جميع ما يعرضه الأهلون، وما قد ينتفع به الغرباء. ومما يحدث أن يعرض شائب جالس على درج كبشا للبيع، فيعيش بثمنه ثلاثة أشهر على أن يسومه يهودي إسكندري زائر لأورشليم في عيد الفصح مقدر له، عارف بأن تقريبه مما يرضي الرب. وإلى أورشليم يؤتى بقطاع الشياه لحفز الحجيج إلى تقديم القرابين، وإنعاش التجارة. وفي أورشليم حركة للأخذ والعطاء، وفي أورشليم ضروب للأطياب المترجحة بين عنبر آسية وعطور مصر، وفي أورشليم جريد للنخل يباع للذكرى، وقراطيس مشتملة على حديث الأنبياء بحروف عبرية دالة على الرجولة، وحروف يونانية ذات مسحة نسوية، وفي أورشليم صرافون جثي خلف موائد صغيرة قائمون بأعمالهم المالية وراثة. والهيكل يرفض النقود الإغريقية والرومانية المشتملة على صور بشرية، فعلى اليهودي الأجنبي أن يستبدل بنقوده نقودا أخرى قبل أن يؤدي إلى الهيكل ما يجب، أو أن يضع دينارا في صندوق الفقراء.
ويزدحم الحجاج فوق تلك الدرج هادئين فيصلون وقوفا، وأنظار هؤلاء كانت قد توجهت منذ سنوات من أثينة، وسراكوسا، ومراكش، والغول إلى تلك البقعة، منتظرة اليوم الذي ترى فيه موطن الإيمان؛ الهيكل الثاني الذي أقامه هيرودس في مكان الهيكل الأول فزينه. والآن يتدرج هؤلاء الذين أولهتهم الأدعية والصلوات إلى الأبواب المقدسة، مبصرين ذلك الحجاب الموشى الذي حدثهم عنه آباؤهم، وتلك الكرمة الذهبية التي هي رمز الخصب والبركة. والآن تطأ أقدام هؤلاء الرواق الكبير الذي يتقدم الهيكل، مضيفين إلى مئات قرابين الشكر الثمينة تقادمهم، التي هي ثمرة ما اقتصدوه بجد، فضموها بالأمس إلى صدورهم عند هياج البحر، ووضعوها بالأمس تحت وسائدهم في الفنادق. والآن يتمثلون ما لا يجوز لهم أن يروه في غير يوم العيد، فيتنورون من خلال ذلك الرواق ذي الظل الحوض النحاسي المحمول على ثيران؛ ليكون رمزا إلى الماء الذي استوت عليه روح الرب في بدء الخلق.
ويجلس بضع عشرات من الصبيان حول سارية مستمعين لكاتب يقرأ لهم مفسرا ما في قديم القراطيس، فلا يأبهون لدعاء الغرباء، وضوضاء التجار. ويستطيع هؤلاء الصبيان أن يقاطعوه مستوضحين، وكلما وضع أسئلة بدوا بارعين في الأجوبة، ثم ينقلب الدرس إلى مناظرة، فمن يبز رفقاءه فيها يشر إليه بالبنان؛ فيصل ذات يوم إلى مرتبة كاتب.
والآن يقطع المعلم محاورة طلابه؛ فهو يبصر موكبا كبيرا من فلاحي بلاد الجليل قضوا الليلة في العراء، فيعرفون بأزيائهم وبثورهم ذي القرنين الذهبيين الذي يجلبونه ليكون قربانا، وبسلالهم المشتملة على بواكير ثمارهم. ويسير أمام هؤلاء كهنة، وينشدون قائلين: «تقف أرجلنا في أبوابك، يا أورشليم.» ثم يأتي موكب آخر آت من مكان بعيد مؤلف من رجال لابسين ثيابا زاهية، وراكبين جمالا محملة هدايا ثمينة في صرر. •••
حل وقت الظهر، فيقصد الكهنة في موكب الحاكم الروماني، فما أقرب رومة من أرض الميعاد ما قامت المسافة بينهما على النزول من ربوة، والصعود في ربوة أخرى! ولكن الجمهور الذي يملأ الشوارع يبصر الهوة العميقة بين الربوتين فيشتاط غيظا من ذل تلك الزيارة التي يبدأ بها كل عيد، والحاكم الروماني يرغب في إهانة ذلك الشعب المختار، فيجيء إلى قلعة أنطونيا أربع مرات في كل سنة؛ ليدله على أن رومة صاحبة السلطان. والحاكم الروماني هذا يحفظ الحلل المقدسة في صوان خاص ليعير أولئك الضرعة المبتهلين إياها في كل مرة، ولماذا تظل حلة رئيس الكهنة قبضة الكافرين بين موسم وموسم ما اقتضى تطهيرها بالبخور؟
Page inconnue