81

Ibn Hazm : Sa vie, son époque, ses vues et sa jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Maison d'édition

دار الفكر العربي

Lieu d'édition

القاهرة

((وفى تفسير القرآن كتاب أبى عبد الرحمن بقى بن مخلد ، فهو فى الكتاب الذى أقطع قطعاً لا أستثنى فيه أنه لم يؤلف فى الإسلام تفسير مثله ، لا تفسير محمد بن جرير الطبرى ولا غيره ، ومنها فى الحديث مصنفه الكبير الذى رتبه على أسماء الصحابة رضى الله عنهم ، فروى عن ألف وثلاثمائة صاحب ونيف ، ثم رتب حديث كل صاحب على أسماء الفقه وأبواب الأحكام ، فهو مصنف ومسند، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فى الحديث ، وجودة شيوخه ، فإنه روى عن أربعة وثمانين ومائتى رجل ، ليس فيهم عشرة ضعفاء ، ومنها مصنفه فى فضل الصحابة والتابعين ومن دونهم - الذى أربى فيه على مصنف أبى بكر بن أبى شيبة ومصنف عبد الرزاق بن همام ، ومصنف سعيد بن منصور وغيرها ،

وانتظم علماً عظيماً لم يقع فى مثله شىء من هذه ، فصارت تأليف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام لا نظير لها . وكان متخيراً لا يقلد أحداً ، وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل رضى الله تعالى عنه، ومنها فى أحكام القرآن كتاب أمية الحجازى ، وكان شافعى المذهب ، بصيراً بالكلام على اختياره ، وكتاب القاضى أبى الحكم منذر بن سعيد ، وكان داوودى المذهب قوياً على الانتصار له ، وكلاهما فى أحكام القرآن غاية ، ولمنذر مصنفات منها كتاب الإبانة عن حقائق أصول الديانة (١).

٩٧ - هذه النصوص تدلنا على شيوخه الذين تلقى عليهم من بطون الكتب التى تركوها ، وإن يخل به الزمان عن أن يلقى أصحابها ، وهى تنبئنا عن أنه تلقى من ينابيع ثلاثة كلها يأتى بنوع صاف من العلم ، يدخل فى الغذاء الفكرى الذى تلقاه ابن حزم من القراءة والدراسة الشخصية .

أول هذه الينابيع - فقه الحديث ، فلقد تلقاه من المبسوطات فى آثار الصحابة والتابعين ، ومن قبلهم أقوال النبى صلى الله عليه وسلم وأقضيته

(١) نفح الطيب = ٢ ص ١٣١ طبع القاهرة.

( ٢ ٦ - ابن حزم)

81