34

Ibn Hazm : Sa vie, son époque, ses vues et sa jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Maison d'édition

دار الفكر العربي

Lieu d'édition

القاهرة

انصرافاً جعله إماماً فيه وصاحب رأى من غير تقليد لأحد، غير الصحابة وكبار التابعين إلا بعد أن ذهب إلى بلنسية، وأقام فيها، ووجد طائفة من العلماء هنالك يذاكرهم العلم ويذاكرونه.

وإنه يحدثنا أنه ذهب إلى بلنسية وأقام فيها، فقد قال «ركبنا البحر قاصدين بلنسية عند ظهور أمير المؤمنين المرتضى عبد الرحمن بن محمد، وساكناه بها».

وقد كان ذلك بعد نفيه سنة ٤٥٧ هـ بعدة أشهر، فكأنه كان في بلنسية في آخر سنة ٤٠٧ أو أول سنة ٤٠٨، وقد ذهب إليها ليناصر عبد الرحمن ابن محمد ويدعو إليه، فاشتغل بالعلم.

وإذا كان الأمر كذلك، فإنه من المؤكد أن دراسته للفقه منصرفاً إليه متجهاً إلى الإمامة فيه كانت حول سنة ٤٠٨، أي أنه من هذا الوقت انصرف إلى الفقه، أو أعطاه أكبر عناية من غير أن ينقطع عن أبواب العلم الإسلامي الأخرى.

٣٧ - وقد تجه أول ما اتجه إلى الفقه المالكي، فقد كان هو المذهب السائد في الأندلس فوق أنه المذهب الرسمي للدولة، ولقد روى أن ابن حزم قال: إن مذهبين انتشرا بقوة السلطان، مذهب أبي حنيفة بالمشرق، ومذهب مالك بالمغرب، فكان من مقتضى المنطق أن يتجه ابن حزم إلى مذهب مالك، بل كان المنطق أن يوجه إليه، ولقد روينا من قبل أنه قرأ الموطأ على عبد الله بن دحون، وقد تتابعت قراءته الفقه عليه وعلى غيره من العلماء ولكن يظهر أن ابن حزم القارئ الباحث قد اطلع على نقد محمد بن إدريس الشافعي لمذهب الإمام مالك وإن كان شيخه، فقد روى عنه أنه قال مقالة أرسطو في أفلاطون: أحب مالكاً ولكن محبّ للحق أكثر من محبتي لمالك، لا بد أنه قرأ كتاب اختلاف مالك، الذي جاء فيه أن مالكاً جعل الفرع أصلاً والأصل فرعاً. ولا بد أنه علم أن الشافعي تردد في نقد مالك حتى علم أن بعض أهل الأندلس يستسقون بقلنسوة مالك، فاستخار الله وكتب نقده ليبين للناس أن مالك بشر من البشر.

34