40

Ibn Hazm : Sa vie, son époque, ses vues et sa jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Maison d'édition

دار الفكر العربي

Lieu d'édition

القاهرة

مجاهرة بالميل إليهم وإن لم تأخذ هذه المجاهرة صورة الدعوة ؛ والدليل على ذلك يؤخذ من ميله للأمويين واعتباره ولايتهم ولاية شرعية وتلقيبه لهم دائماً بإمرة المؤمنين وفوق ذلك ؛ ليس في كلامه ما يدل على عدم صحة التهمة، بل ربما فهم منها صحتها؛ لأنه وصف الذين بلغوا عنه بأنهم من الباغين أي الخارجين عن سلطان الوالي الشرعي، فهو إذن يعتبر من والوا ابن حمود خارجين على الولاية الشرعية، وأخيراً فإن ما كان منه بعد ذلك يدل على عظيم الولاء والتحمس لهم إلى درجة أن يبذل المهجة في سبيلهم ويعود إلى منصب الوزارة الذي كان يتولاه أبوه. فهل يكون ذلك من غير ميل ظاهر لهم من قبل؟.

٤٥ - اشترك ابن حزم مع عبد الرحمن المرتضى. وسار معه في جيش يريد الاستيلاء على غرناطة، ولكن عبد الرحمن اغتيل قبل أن يتم له ما يريد هو ومن معه، وحينئذ يصيب ابن حزم ما يصيب كل مهزوم وقع في يد أعدائه فقد أسر، واستمر في الأسر مدة، ثم فك إساره، وعاد إلى قرطبة ليرى أطلالها وكان ذلك سنة ٤٠٩ بعد أن غاب عنها نحو ست سنين، وقد قال رضي الله عنه: خرجت عن قرطبة أول المحرم سنة أربع وأربعمائة، ثم دخلت قرطبة في شوال سنة تسع وأربعمائة (١) فكأنه غاب عنها نحو ست سنين.

عاد ابن حزم إلى الدرس والبحث والتنقيب. والاستحفاظ من الأحاديث والمناظرة في الفقه ودراسته وترك السياسة التي جذبته إليها وحمل عليها وإن كان ميله للأمويين لا ينقطع، وعطفه عليهم يقوى ويحتد كلما عظم عليهم الأمر واشتد، ولقد رأى دولتهم قد انهارت انهياراً، وشنت أمراؤهم في البلاد، ومن ظهر منهم عوجل بالسيف والأسر في أيدي أعدائهم من العلويين.

٤٦ - ولكن آل حمود أخذ أمرهم يضعف شيئاً فشيئاً حتى ثار أهل قرطبة على علي بن حمود الحسني وخلعوه واتفقوا على رد الأمر إلى بني أمية

(١) طوق الحمامة ص ٢٢٢.

40