Ibn Hanbal : Sa vie et son époque – Ses opinions et sa jurisprudence

Muhammad Abu Zahra d. 1394 AH
8

Ibn Hanbal : Sa vie et son époque – Ses opinions et sa jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

كالطحاوي، والدبوسي، والنسفي، والأصيلي المالكي، والغزالي، في الفقهاء الذين يعتد بخلافهم، ولم يذكره ابن قتيبة في كتابه المعارف في ضمن الفقهاء، وذكره المقدسي في أحسن التقاسيم في أصحاب الحديث.

وقال القاضي عياض في المدارك: «إنه دون الإمامة في الفقه، وجودة النظر في مأخذه». (١)

ولقد زكى نظر هؤلاء المنكرين على أحمد أن يكون فقيها أنه لم يؤثر عنه كتاب في الفقه، وأثر عنه المسند، وذلك في عصر قد سار فيه التدوين في الفقه شوطا بعيدا، فمحمد بن الحسن قد جمع فقه العراق، وأبو يوسف كتب كتبا في الفقه، والشافعي أملى مذهبه أو كتبه، وأحمد لم يكن له شيء من ذلك بإجماع المؤرخين، فكان ذلك دليلا على أنه محدث، وليس بفقيه، أو على الأقل على غلبة حديثه على فقهه، ولا شك أن من المحدثين من له رأي في مسائل في الفقه، فالبخاري له فقه؛ ومسلم كذلك، وليس ذلك بمخرجهم من جماعة المحدثين إلى جماعة الفقهاء، إذ العبرة بغلبة المنهاج، فمن غلب عليه التحديث تخصص فيه، وكان محدثا، ومن كثر إفتاؤه، وغلبت عليه الفتيا كان فقيها، ولم نجد من التقى فيه الأمران بقدر متقارب، كما وجدنا ذلك في مالك رضي الله عنه؛ فهو في ذلك نسيج وحده.

٣ - ونحن مع هذا الاعتبار نرى أن أحمد بن حنبل فقيه مع كونه محدثا؛ وإن كنا نقر بأن نزعة المحدث فيه أوضح، ونقر بأنه لم يترك أثرا مدونا له في الفقه، وترك ذلك المسند العظيم في الحديث؛ والذي صار من بعده إماما كما توقع هو له، ذلك أن الإمام أحمد قد عنى تلاميذه بجمع أقواله، وفتاويه وآرائه؛ وتكونت بذلك مجموعة فقهية منسوبة إليه، تخالفت فيها الرواية عنه أحيانا؛ واتفقت في كثير من الأحيان، وما كان لنا أن نترك تلك المجموعة التي تلقاها العلماء بالقبول لمجرد أنه اشتهر بالحديث، وأنه لم يدون كتابا في الفقه، مع غلبة التدوين في عصره، وله فيمن دونوا أسوة حسنة.

(١) تاريخ الفقه للحجوي جـ٢ ص ٢٢

7