Ibn Hanbal : Sa vie et son époque – Ses opinions et sa jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
معاصريه، وقد كان أبو بكر الخلال معجبا بنقله عن أحمد أشد الإعجاب، وقد اعتمد عليه كثيرًا فيما نقل، وقد كان يكتب مسائل أحمد بعلمه، وأحمد يستحي أن ينهاه، كما نقلنا من قبل، وكان يستحسن لأحمد أن تكتب مسائله، لأنها مشتقة من السنة، وليست معارضة لها، ولا تزيد عليها، وقد صحب أحمد أكثر من عشرين سنة، فقد صحبه من السنة الخامسة والمائتين إلى سنة ٢٢٧.
وقد قال أبو بكر الخلال فيه، وفي نقله:
"الإمام في أصحاب أحمد، جليل القدر، كانت سنه يوم مات دون المائة، فقيه البدن، كان أحمد يكرمه، ويفعل معه ما لا يفعل مع غيره، وقال لي صحبت أبا عبد الله على الملازمة من سنة خمس ومائتين، إلى سنة سبع وعشرين. وكنت بعد ذلك أخرج وأقدم عليه الوقت بعد الوقت، فكان أبو عبد الله يضرب بي مثل ابن جريج من عطاء من كثرة ما أسأله. ويقول لي ما أصنع بأحد ما أصنع بك.. وعنده عن أبي عبد الله مسائل كثيرة في ستة عشر جزءًا، وجزءين كبيرين عنده بخط جليل مائة ورقة، إن شاء الله تعالى، ونحو ذلك لم يسمعه منه أحد غيري، فيما علمت، ومنه مسائل لم يشركه فيها أحد، كبار جياد تجوز الحد في عظمها وقدرها وجلالها"(١)
هذا كلام الخلال فيه، وهو يدل على أنه نقل منه الكثير.
وقد نبهنا فيما مضى إلى أنه كان يكتب عن أحمد، فهو على هذا من أصحاب أحمد الذين نقلوا فقهه إلى الأجيال، والذين كان لروايتهم مكان من الاعتبار وقد توفي سنة ٢٧٤هـ
٦٤(٥) أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي: كان أخص أصحاب أحمد به وأقربهم إليه، وأدناهم منه، وهو الذي تولى غسله لما مات، وكان عنده أثيرًا، وهو الذي روى كتاب الورع عن الإمام أحمد رضي الله عنهما، ولقد نقل الخطيب البغدادي تكذيب رواية كتاب الورع عن غيره، ولقد طعن فيه بعض الناس، فقال عبد الوهاب الوراق رادًا طعنهم: "أبو بكر ثقة صدوق، لا يشك في هذا إنما يحملهم على هذا الحسد"(٢)
(١) المنهج الأحمدي ص ١٩٩
(٢) تاريخ بغداد ج ٤ ص ٤٢٤
179