170

La Perfection dans la Conscience de ce qui est Transmis sur l'Imitation

حسن التنبه لما ورد في التشبه

Chercheur

لجنة مختصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب

Maison d'édition

دار النوادر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Lieu d'édition

سوريا

Genres

وفارقهم، انقطعت الوصلة بينه وبينهم، واتصل بمن هاجر إليهم، وهذا بعينه هو السبب في اتحاد المهاجرين، والأنصار حتى جمعهم الله تعالى في كتابه، وقال في الأنصار: ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾ [الحشر: ٩]؛ وكيف لا يحبون من هاجر إليهم وقد رغب عن قومه إليهم! والهجرة من شأن الأنبياء ﵈، ولذلك قال ﷺ: "لَوْلا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرأً مِنَ الأَنْصارِ، وَلَوْ أَنَّ النَاسَ أَخَذُوْا وادِيًا وَشِعْبًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصارُ وادِيًا وَشِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأَنْصارِ وَشِعْبَهُمْ". رواه الشيخان عن أبي هريرة ﵁ (١). ولقد هاجر محمد ﷺ، وأمر أصحابه بالهجرة، وهاجر قبله أبوه إبراهيم ﵇ وقال: ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ [العنكبوت: ٢٦]، وقال: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ﴾ [مريم: ٤٨، ٤٩] الآية. وهاجر معه ابن أخيه لوط ﵉، وهاجر موسى ﵇ من مصر إلى مَدْين، وهذه سنة الأنبياء والصالحين، ولو شاؤوا لدعَوا على أهل الشرك فهلَكوا، أو سلِموا هم من أذاهم، ولم يهاجروا من أوطانهم، ولكنهم فعلوا ذلك تشريعًا لأتباعهم؛ إذ لا يمكن كلًاّ من الأتباع ذلك، ولو أقاموا بين المشركين وآذوهم، لم يطيقوا، فربما

(١) رواه البخاري (٦٨١٧) عن أبي هريرة، ومسلم (١٠٥٩) عن أنس.

1 / 56