لأمر اللعين ابن زياد في أن ينزلوه بالعراء على غير ماء ولا كلاء. ولما علم منهم التصميم على قتاله ، واختبر الأرض فوجدها لا تصلح للحرب ؛ إذ إنها مكشوفة. وليس بها ملجأ ، ولا لأصحابه وعيالاته من مكان يعتصمون به من غارة العدو ، ورأى قريبا منها تلك التلاع الثلاث التي يتمكن لو جعلها خلف ظهره ، ويحتمي بها وقت المصاولة ، فارتحل من منزله الأول وبه استشهد. وموضع نزوله الأول معروف لحد الآن ، وعوام أهل كربلاء من القرويين يعرفونه باسم (كربلة) مفخما ، ولأجل نزول الحسين (عليه السلام) به غلب اسمه على تلك المنطقة بأسرها فسميت به عامة المواضع. وقد ظهر لي بالسؤال من أهل تلك النواحي ، والنقل عن أهل الخبرة من أهل العلم أن بها موضعين ، كل واحد منهما يقال له : كربلة (بالتفخيم)؛ أحدهما : ما وصفه لي بعض المطلعين أنه في بادية كربلاء ، يبعد عن البلدة مقدار ستة أميال تقريبا إلى الجنوب الشرقي من قرية (الرزازة) (قرية ابن هذال) أحد زعماء عنزة (اعنزة). والثاني : ما وصفه الميرزا النوري (ره) في كتابه (نفس الرحمن)، ولفظه : وأما كربلاء : فالمعروف عند أهل تلك النواحي أنها قطعة من الأرض الواقعة في جنب نهر يجري من قبلي سور البلد ، يمر بالمزار المعروف (بابن حمزة) منها بساتين ومزارع ، والبلد واقع بينها ، انتهى. يعني مزار ابن حمزة وكربلاء. ثم تحققنا من بعض الخبراء المطلعين من أهل البلد ، فقال : نعم ، كربلة مقاطعة على طريق المتجه إلى بغداد ، مجاورة للوند مقاطعة (السيد قاسم الرشتي) (1)؛ فعلى هذا يجوز أن تكون الأرض كلها من الوند إلى ما فوق الرزازة تسمى كربلاء ، وهو اسمها اليوم عند أهل البادية والقرويين ، وسميت به البلدة للمجاورة. روى الجنابذي (2) مرفوعا إلى الأصبغ بن نباتة ، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال : أتينا مع علي
Page 133