Huruf Latiniyya
الحروف اللاتينية لكتابة العربية
Genres
ولقد يخيل إلي أن سلفنا - من طالح قبل الإسلام، وصالح من بعده - قد اعتمد على هاتين الخصيصتين، فأرسل رسم الكتابة العربية هكذا طلاسم مستغلقة مبهمة، واكلا أمر الناس في فكها إلى السحر، وما ينقذف في القلوب من الإلهامات والإشراقات. وإلا فقل لي بربك: إذا كنت أوشكت مع الإنجليزي الثاني أن تتقاتلا وترفعا أمركما إلى الشرطة وإلى القضاء، أفلا تجد أن أمثال
hs
متكرر أمامك في كل لحظة، وبدل أن تتقاتل أنت وغيرك فإنك تقاتل نفسك وتضنيها؟!
خذ أبسط كلمة مثل «قد»، إنها تصور لك حرف التحقيق، وتصور لك قامة الإنسان «قد»، وتصور لك فعلا ماضيا «قد» بمعنى قطع، وماضيا مبنيا للمجهول «قد» أي قطع، وفعل أمر بمعنى اقطع «قد»، وهي صيغة مشتركة في النطق مع المبني للمجهول، وفعل أمر آخر «قد». ولا أدري كم مدلولا آخر تصوره أو لا تصوره!
ألا إن المشاهدات دالة على أن جميع الأمم التي تستعمل حروف الحركة في كتابتها هي الأمم الراقية علميا وصناعيا، هم أهل أوروبا وأمريكا إطلاقا. لا تحتج باليابان؛ فإنهم في علمهم وصناعتهم لم يقتصروا على لغتهم المزعنفة الرسم الكتابي، بل إني سمعت أنهم من زمن مديد أنشئوا في بلادهم عدة جامعات تدرس بالإنجليزية على النظام الإنجليزي، وبالألمانية على النظام النمساوي. فعلماؤهم وطلبتهم الجامعيون الكثيرون يعرفون الإنجليزية والألمانية، وقد يعرفون غيرهما من لغات أوروبا.
أما الأمم التي لا حروف حركات عندها كالصين وإيران والترك (قبل الآن) والعرب، فكلها من الأمم المتأخرة علميا وصناعيا. ولا تستشكل بالإسرائيليين، ولغتهم العبرانية هي كالعربية، لا حروف حركات فيها، لا تستشكل فإن الإسرائيليين متفرقون في كل البلاد الراقية، عارفون بلغاتها! فهم قوم عالميون. وإني وإن كنت لا أعرف شيئا في العبرانية إلا أني سألت سيادة الحاخام الأكبر الموجود بيننا بالمجمع ، فعلمت منه أمرين: «أولهما» أن حروف كل كلمة تكتب منفصلة لا متصلا بعضها ببعض. و«ثانيهما» أن أواخر الكلمات تلزم دائما حالة واحدة ولا تتغير بتغير العوامل الداخلة عليها. وهما أمران في غاية الأهمية؛ لأن أولهما يوحد شكل الحروف ويمنع اللبس الناشئ عن التصاقها. وثانيهما - على الأخص - يعفي أهل تلك اللغة من مصيبة الإعراب وضرورة تغيير الحرف الأخير من الكلمة تبعا لوظيفتها في الكلام.
وجوب تغيير رسم الكتابة العربية
إذن فأول واجب على أهل اللغة العربية هو أن يبحثوا عن الطريقة التي تيسر لهم كتابة هذه اللغة على وجه لا تحتمل فيه الكلمة إلا صورة واحدة من صور الأداء. ولقد علمت أن تشكيل الكلمات ضار، فلا بد من التفكر في طريقة أخرى تؤدي هذا المراد.
خطر بفكر أحد زملائنا أن يعالج المسألة لا من جهة الرسم، بل من جهة الإعراب؛ وذلك بحذف حركاته وتسكين أواخر الكلمات. وكان من السهل إجابته إلى فكرته؛ لأن موضوعها ليس غريبا عن أصل العربية، بل هو يوافق بعض لهجاتها القديمة. وقد قرئت آية:
ويضيق صدري ولا ينطلق لساني
Page inconnue