سمعت جولييت صوت باب الشاحنة وهو يغلق، وسمعته يتحدث إلى الكلبة، وعندئذ تملكها الخوف، وأرادت أن تختبئ في أي مكان (قالت فيما بعد: «كان بإمكاني أن أزحف تحت المائدة»، لكنها لم تفكر بالقطع أن تفعل شيئا في مثل هذه السذاجة). ذكرها هذا الموقف بتلك اللحظة في المدرسة قبل إعلان الفائز بالجائزة، لكن هذا الموقف كان أسوأ؛ لأنه ليس لديها أي أمل منطقي للفوز، ولن تكون هناك فرصة أخرى على هذا القدر من الأهمية في حياتها.
عندما فتح الباب لم تستطع أن ترفع بصرها، وتشابكت أصابع يديها وهي تقبضهما وتضعهما على ركبتيها.
قال: «إنك هنا.» كان يضحك في ابتهاج وشعور بالنصر والإعجاب كما لو أنه أمام أكثر المشاهد جرأة وشجاعة. وعندما فتح ذراعيه، بدا وكأن هناك رياحا هبت في الغرفة وجعلتها ترفع بصرها.
منذ ستة أشهر لم تكن تعرف أن هذا الرجل موجود على قيد الحياة. منذ ستة أشهر كان الرجل الذي صرعته عجلات القطار لا يزال على قيد الحياة، وربما ينتقي بعض الملابس من أجل القيام برحلته. «إنك هنا.»
استطاعت أن تستشف من صوته أنه يناديها، فنهضت، وهي لا تقوى على الحراك، ولاحظت أنه أكبر، وأضخم، وأكثر تهورا مما تتذكر. اقترب منها وشعرت بأنه يتفحصها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها، وغمرها ذلك الشعور بالارتياح، واجتاحتها السعادة. كم هو مدهش هذا الذي يحدث، كم هو قريب إلى الحيرة والخوف. •••
اتضح فيما بعد أن إيريك لم يكن مندهشا كما تظاهر بذلك؛ إذ هاتفته إلو الليلة الماضية؛ لكي تحذره بشأن الفتاة الغريبة - جولييت - وعرضت عليه أن تتحقق وتعرف إن كانت الفتاة قد استقلت الحافلة بالفعل أم لا. واعتقد هو أنه من الصواب أن يغتنم هذه الفرصة بأنها ستفعل ذلك - ربما ليختبر القدر - ولكن عندما هاتفته إلو لتخبره بأن الفتاة لم ترحل، أصابته الدهشة من شعوره بالفرح الذي اعتراه. ومع ذلك، لم يرجع إلى المنزل على الفور، ولم يخبر كريستا، بالرغم من أنه يدرك أنه عليه إخبارها في القريب العاجل.
استوعبت جولييت كل تلك الأحداث شيئا فشيئا في الأسابيع والأشهر التالية؛ فبعض المعلومات جاءتها عن طريق الصدفة، والبعض الآخر جاء نتيجة لطريقة استقصائها التي اتسمت بالتهور.
واعتبر مصارحتها عن عدم عذريتها شيئا ثانويا.
لم تكن كريستا تشبه إلو؛ فليس لديها فخذان عريضتان أو شعر أشقر؛ فهي امرأة ذات شعر داكن، نحيفة، لماحة وذكية، وفي بعض الأحيان متجهمة، وهي التي ستصبح صديقة جولييت الرائعة وسندها خلال السنوات التالية، بالرغم من أنها لم تتخل تماما عن عادتها في إغاظتها بمكر، وعن اللمحات الساخرة للمنافسة الدفينة بينهما.
في القريب العاجل
Page inconnue