وعلى أي حال، فالأقدار الفردية ليست هي النقطة الأهم؛ إذ إن ما كان يجذبها - بل ويفتنها في الواقع - هو تلك اللامبالاة، والتكرار، وعدم الاهتمام، والازدراء للتناغم الذي تجده في أسطح صخور الدرع الكندية في حقبة ما قبل الكامبري.
وفجأة لمحت بجانب عينها خيالا لشخص ما، ثم ساقين داخل سروال تدخلان إلى مكانهما. «هل هذا المقعد مشغول؟»
بالطبع لا. ماذا عساها أن تقول؟
كان يرتدي حذاء أنيقا ذا شرابة، وسروالا بني اللون، وسترة بمربعات تجمع بين اللونين البني والأصفر ذات خطوط رفيعة كستنائية اللون، وقميصا أزرق داكنا، وربطة عنق كستنائية مرقطة باللون الذهبي والأزرق. كان كل ما يرتديه من ملابس جديدا، وبدت جميعها - فيما عدا الحذاء - واسعة كما لو أن الجسد الذي بداخلها قد تقلص وانكمش بعد شرائها.
كان رجلا في الخمسينيات من عمره على الأرجح، ذا شعر بني ذي خصلات ذهبية لامعة تملأ فروة رأسه (لا يمكن أن يكون ذلك الشعر مصبوغا، أليس كذلك؟ من عساه يصبغ تلك الخصلات القليلة من الشعر؟) وكان ذا حواجب داكنة، مائلة إلى الاحمرار، مستدقة الطرف وكثيفة، وكانت بشرة وجهه مليئة بالنتوءات وسميكة مثل سطح اللبن الرائب.
هل كان قبيحا؟ نعم، بالقطع. لقد كان قبيحا، ولكنها كانت تعتقد أن مثله مثل العديد من الرجال ممن هم في مثل عمره، لكنها لم تكن لتقول، فيما بعد، إنه كان قبيحا بصورة ملحوظة.
رفع حاجبيه، واتسعت عيناه اللامعتان ذات اللون الفاتح كما لو أنه يرسم الود والاجتماعية، ثم جلس في مواجهتها وقال: «ليس هناك الكثير ليشاهده المرء من هنا.»
قالت وهي تخفض عينيها لتطالع الكتاب: «لا.»
قال كما لو أن الأمور تسير بسلاسة: «آه، أرى ذلك، وإلى أين تتجهين؟» «فانكوفر.» «وأنا أيضا. لا بد وأن نمر بطول الطريق عبر الريف، وسوف ترين ذلك وأنت هناك، أليس كذلك؟» «مممم.»
ولكنه أصر على الاستمرار في الحديث. «هل ذهبت إلى تورونتو من قبل؟» «نعم.» «إنها مدينتي، تورونتو. لقد أمضيت بها حياتي كلها، هل هي موطنك أنت أيضا؟»
Page inconnue