La liberté humaine et la science : un problème philosophique
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Genres
والخلاصة أن تحليلات كامبل الفينومينولوجية لظاهرة الإرادة الحرة في الأخلاق، قد انتهت به إلى الآتي: «التفكير في فعل القرار الأخلاقي حينما يقبض عليه بجمع اليدين من المنظور الداخلي، يؤدي بالفاعل إلى إدراك إمكانية ثالثة بمنأى عن الضرورة، وذلكم هو النشاط الخلاق، حيث لا يحدد الفعل شيء إلا فعل الفاعل له.»
119
وهكذا تؤكد لنا خبرة الحس المشترك أن الإنسان حر.
ولكن هل يصلح الحس المشترك كحجة يقوم عليها مذهب فلسفي؟ إنه حتى ولو كان هكذا كما رأى جورج مور وكامبل وسواهما، فإنه - كما أثبتنا آنفا - إن كان يحدس الحرية، فإنه أيضا يحدس الحتمية الفيزيقية فيفسح المجال للنقيضين، مؤكدا الوقوع في الازدواجية والشيزوفرينيا التي نهيب بحرية المذهب أن تبرئنا منها، وعلى أية حال، كنا قد انتهينا في (الفقرة 10) من أية محاولة لإثبات الحرية على أساس الحس المشترك.
هكذا كانت بداية مذهب الحريين ضعيفة، والمذهب ذاته أضعف، وأي تحليل له يؤدي إلى نتائج ليست فقط لا يمكن الدفاع عنها، بل أيضا متناقضة مع ذاتها ومع مسلمات لا يمكن الإعراض عنها.
ومنطوق هذا المذهب يقوم على أن الإنسان يمكن أن يثاب أو يلام على الفعل، فقط إذا كان يستطيع أن يختار، وبالتالي يستطيع أن يتصرف بطريقة أخرى، وتقريبا كل الفلاسفة أيا كانت مشاربهم يتفقون على أن إمكانية التصرف بطريقة أخرى هي المقدمة الشرطية الضرورية للمسئولية الخلقية.
120
ومن هنا يقرر هذا المذهب ببساطة أن الإنسان حر؛ لأنه يستطيع أن يفعل غير ما يفعله، بمعنى أن ثمة بديلا آخر متاحا له ومفتوحا أمامه، والفاعل قد اختار بفعل إرادي حر واحدا من هذين البديلين (أو أكثر من اثنين)، الخلاصة: طالما أن الإنسان مسئول يثاب ويلام، فلا بد وأنه حر مختار بين بدائل متاحة له.
إذن قد بات واضحا لماذا كان هذا الاتجاه ضعيفا غريقا، وكانت الحرية بأسرها هكذا، فتلك هي النتيجة المتوقعة من صراعه اليائس مع جبروت الحتمية التي تشكل المعضل الأخلاقي (راجع فقرة 11)، وتحكم بأن كل حدث ضروري وسواه مستحيل فتنتفي تماما إمكانية البدائل تلك، وهي الشرط الأساسي لمذهب الحريين، ولكل حرية، الحتمية العلمية تقرر ببساطة، وبيقينها المطلق دائما، أن أحدا لا يستطيع أن يفعل غير ما يفعله، «وإذا كان كل فعل لكل فاعل يعتمد بظروفه الخاصة على شرط فيزيائي معين قد تم تحققه، وكانت الأفعال الإنسانية ككل لا يمكن أن تتحرر من قانون المعلولات الفيزيائية والعلل المحتمة تماما»،
121
Page inconnue