La liberté humaine et la science : un problème philosophique
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Genres
ولعله أساسا مذهب أخلاقي، بدأ مع الأخلاقيين بحيلة ساذجة لتفادي الأثر الأخلاقي الوبيل الناجم عن الحتمية، فقالوا إن الإنسان حر لأنه مسئول، وهذا بالطبع وضع للعربة قبل الحصان، فالمفروض أن الإنسان مسئول لأنه حر أو غير مسئول لأنه غير حر، وليس العكس؛ لأن الحرية هي الأساس الأنطولوجي والمسئولية هي النتيجة العينية البعدية المترتبة عليها.
لقد فعلوا هذا لأنه قبل التطورات المعاصرة للفيزياء لم يكن ثمة أية حجة قبلية للاحتمية إلا هذه الحجة الأخلاقية، «وما كان باستطاعة أحد أن يجرؤ على اقتراح أية حجة بعدية أو برهان تجريبي على وجود أحداث خارج الذهن البشري ليست محتمة تماما».
115
ولكن كما يقول موريس كوهين، يجب أن تتخلى تماما عن الحجة البلهاء القائلة إن الإنسان حر لأنه مسئول، أو لأنه يعاقب ويثاب، والسبب بسيط هو أننا لا نستطيع إثبات أي شيء عن طريق حجة مؤداها أنه إن لم يوجد فلن نجد تبريرا لما نريد أن نبرره، إنهم يقولون ما كانت الإنسانية ستحمل أي شخص مسئولية ما لم تعتقد في الحرية، وعمومية هذا الاعتقاد تؤدي إلى افتراضات قبلية في صالحه، ولكن هذه العمومية لا تصدق من الناحية التاريخية، فمعظم الجبريين كالهندوس والجبريين الإسلاميين والكالفينيين المسيحيين، لم يترددوا في تحميل الإنسان مسئولية أفعاله، ولم تكن الخطيئة في الوعي البدائي دائما فعلا للإرادة الحرة، بل وإن أبشع الخطايا قد ترتكب بغير قصد، مثلا لمس تابوت العهد القديم اعتبرته السماء مستحقا للعقاب، والكاثوليك يعلمون أن الطفل غير المعمد يحرم من البركة.
على هذا، فلا تعارض دائما بين انتفاء الحرية والمسئولية وبين استحقاق الثواب والعقاب،
116
والأدهى أن حجتهم الأساسية كانت ملقاة على قارعة الطريق، إنها «الحس المشترك وحدسه القوي الفوري الذي يستشعره البشر جميعا بأن حرية الاختيار حقيقة واقعة»،
117
وفي محاولة تعميقها، يربطون الحس المشترك بالتجربة الوجودية الحية، وكانت أقوى محاولة لتأسيس مذهب الحريين على حجته المأخوذة من الحس المشترك، هي تلك التي قام بها تشارلز كامبل، على أنه يرى في الأخلاق المجال الأوحد للحرية، فأوضح أننا لا بد وأن نأخذ في الاعتبار دليل الخبرة الداخلية للفاعل الأخلاقي ذاته، أي من منظور مشاركته الفعلية في الفعل عينه، حيث يمر بخبرة حرية الاختيار وإمكانية أن ينساق للإغراء أو يقاومه ويخضع للواجب، الفاعل يمر بخبرة القرار والفعل الأخلاقي بوصفه نشاطا مبدعا، وهو على هذا حر،
118
Page inconnue