La liberté humaine et la science : un problème philosophique
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Genres
وهم يبدون دهشتهم من مدى حصافة فرض الانحراف الذري، وكان إدنجتون قد أوضح أن الكون، لا يكون في حالة توازن ثابت من حيث إن أبسط اضطراب يحدث فيه يؤدي إلى بدء حركة تتمدد وتفضي إلى التطور الذي يدوم اثني عشر ألف مليون من السنين، كما تقول قوانين الفيزياء الفلكية. وبعد فترة التطور يصل الكون مرة أخرى إلى حالة التوازن، ولكنه يكون ميتا؛ نظرا إلى التدهور الميكانيكي الحراري، وهذا معناه أن التوازن ثابت وأن الاضطرابات البسيطة لا تؤدي إلى تغيير هام في الكوزموس اللاحتمي، وكما يقول رايشنباخ: «الواقع أن هذه الصورة مشابهة إلى حد يدعو إلى الدهشة لنظرية ديمقريطس
37
وأبيقور في الذرات التي ظلت تتحرك بانتظام في الفضاء زمانا لا متناهيا حتى حدث اضطراب بسيط أدى عن طريق سلسلة من ردود الأفعال إلى تحويل الحركة المنتظمة إلى خليط مضطرب، تطورت منه التركيبات المعقدة لعالمنا، ويبدو أن الفيزياء القائلة باللاتحدد تقبل افتراض أبيقور الذي يقول بحدوث اضطراب بسيط لا سبب له، وهو الافتراض الذي قوبل في كثير من الأحيان بهجوم من أنصار الحتمية الدقيقة.»
38
لم نغال إذا حين قلنا إن فرض الانحراف الذري ممهد أو مناظر للاحتمية في العلم المعاصر.
وطالما اعتمدنا من أبيقور الأساس الأنطولوجي أي اللاحتمية فإن معضل الحرية ينحل من تلقاء نفسه كما اتفقنا وكما بينت نظرية أبيقور. ••• (32) «وليام جيمس»: لأن المفكر الأمريكي وليام جيمس
William James (1842-1910) فيلسوف حق وفي الآن نفسه عالم متمكن من العلوم الطبيعية بالإنسان: الفسيولوجيا، فإن نظرية الحرية جاءت معه لتمثل تقدما وانفراجا ملحوظا للأزمة المستعصية،
39
فقد ارتكزت على لاحتمية فلسفية أنطولوجية واثقة وعنيدة، ثم حتمية علمية متقلصة إلى الحد الأدنى الميثودولوجي الصرف كمحض فرض تنظيمي للوقائع بأضيق المعاني المنهجية التي لا ضرر منها ولا ضرار على المشكلة الأنطولوجية أو حتى الإبستمولوجية، فاقتربت الحرية معه كثيرا من الصورة المنشودة دوما ولا طائل، وإذا تذكرنا فلاسفة الحرية الفرنسيين بدا واضحا كيف جاءت نظرية الحرية مع جيمس متأصلة في بنية هذا الوجود ومتسقة معه، ومكملة له.
البرجماتية هي منهاج جيمس، فأمدته بمنهاج إقامة الدعوى بالحرية، وهو منهاج لتحسين هذا العالم وتقليص نطاق الشر فيه، والتعددية، الرافضة جدا للواحدية، هي هندسة بنائه الأنطولوجي اللاحتمي حتى الصميم والذي شمل العالم كله، فلا مجال لنفي الحرية، وتنغلق متاهات المطلق والشيء في ذاته والنومينا ... وتغدو الحرية واقعة كائنة في صميم العالم، أما التجريبية الراديكالية فهي التي أعطت جيمس مادة هذا البناء فوجد فيها مادة اللاحتمية والحرية.
Page inconnue