هذه هي الغابة القديمة قدم الدهر. أشجار الصنوبر والشوكران المهمهمة،
المتشحة جذوعها بالطحالب، وبملابس خضراء، تتوارى في الغسق ...
لم يكن هوميروس ليعرف شيئا عن أي من هذا، لكن كان لديه استشعار بوحدة مكونة من ستة مقاطع أساسية، كل مقطع يتبعه مقطعان أقصر أو مقطع واحد أطول، إلا أن المقطع السادس الأساسي دائما ما يتبع بمقطع منفرد. يعتمد مفهوم «البيت» على وجود نص مكتوب، ويسبق هذا النمط الإيقاعي النص المكتوب بأمد بعيد جدا، ورغم ذلك فإن القاعدة المتعلقة بالتفعيلة السادسة السبوندية تعني أنه لا بد وأنه كان يوجد ثمة وقف، أو لربما كان يوجد ثمة وقف. في الحقيقة غالبا ما تحد نهايات الأبيات وحدات مكتملة المعنى، ولقد بحث باري بتدقيق الوسائل التي كان هوميروس يطيل بها وحدة مكتملة المعنى إلى ما بعد نهاية البيت (وهو ما يسمى بالتضمين). فمثلا، البيت الأول في «الإلياذة» مكتمل بذاته: «غن لي، أيتها الإلهة، غضبة آخيل، ابن بيليوس.» بيد أن الكلمة الأولى في البيت الثاني
baneful
والتي تعني وبيلة/مدمرة (التي تقيد معنى كلمة «غضبة»)، تستطرد الفكرة إلى البيت التالي. وكان من شأن المستمعين إلى هوميروس أيضا استشعار هذا الوزن ومقابلاته، مما من شأنه أن يزيد متعتهم واستيعابهم.
يعين نمط النعوت الشاعر على صياغة البيت الموزون عن طريق توفير وحدات جاهزة القوالب أكبر من الاسم أو مما نعتبره «كلمات». ويتسم النمط المتضمن في البيت الموزون بالاسترسال مع الاعتدال: فيتسم بالتفصيل بسبب النعوت المتنوعة المخصصة لمواضع مختلفة في البيت، وبالاعتدال لأنه عادة ما يوجد نعت واحد منفرد لأي موضع معين في البيت.
على سبيل المثال، حينما يرغب الشاعر في إكمال التفعيلتين الأخيرتين من البيت باسم أوديسيوس، فإن البطل يدعى «أوديسيوس الإلهي» (
dios Odusseus = - ∪∪/- - ). وعندما يرغب في إكمال التفعيلتين ونصف التفعيلة الأخيرتين للبيت، عندئذ يكون اسمه «أوديسيوس واسع الحيلة» (
polumêtis Odusseus = ∪∪/- ∪∪/- - ، وكثيرا ما يصحب الاسم والنعت الفعل «قال»
prosephê ، وهو ما حدث أكثر من سبعين مرة.) غير أنه إذا كانت الكلمة السابقة في الموضع نفسه تنتهي بحرف متحرك قصير يستلزم إطالته بالاستعانة بإطاره الصوتي، عندئذ يصبح «أوديسيوس مدمر المدن»؛ لأن نعت «مدمر المدن» يبدأ بحرفين ساكنين في اللغة اليونانية، والحرفان الساكنان يطيلان الحرف المتحرك القصير السابق عليهما (
Page inconnue