الذي يعادل حرف
ē
الطويل، والحروف الساكنة المشددة تكتب كحروف ساكنة مفردة. ولا يوجد تقسيم للكلمات إلى مقاطع ولا رسم صغير وكبير للأحرف الأبجدية، ولا علامات تشكيل مثل النبرات، أو أحرف كبيرة من أي نوع.
عند قراءة نص قديم كهذا، تحدث عملية تبادل المعنى من الشيء المادي إلى العقل البشري بطريقة مختلفة عما يحدث عندما نقرأ ملحمتي هوميروس بقواعد الكتابة (ضبط التهجئة) اليونانية بطريقة بورسون، أو بالترجمة الإنجليزية.
يهتم علماء فقه اللغة اهتماما شديدا بالكيفية التي ربما كان يتم بها هذا الأمر. في ظاهر الأمر أن القارئ اليوناني في القرن الثامن قبل الميلاد كان يفك رموز كتابته «سماعيا». ولهذا السبب لم يشعر اليوناني القديم، سواء كان رجلا أو امرأة، بالحاجة إلى تقسيم الكلمات إلى مقاطع أو إلى تقسيم السطور أو الأبيات، أو إلى علامات تشكيل، أو علامات لتحديد الفقرات، أو علامات اقتباس؛ لأن الرموز بالنسبة إليه (ولها في حالات نادرة) كانت تعبر عن فيض متصل من الأصوات. وبعد ألف سنة من تأليف ملحمتي هوميروس، ظل الإغريق لا يقسمون كلماتهم (في اللغة اللاتينية، غالبا ما كانت الكلمات تقسم منذ أقدم العصور).
حينما نقرأ اللغة اليونانية المعاصرة (أو الإنجليزية)، في المقابل، فإننا نفك رموز النص «بالنظر». ونهتم اهتماما بالغا بتحديد الموضع الذي تنتهي فيه إحدى الكلمات والموضع الذي تبدأ عنده أخرى؛ فهيئة النص دلالية، أي إنها تحمل معنى، ومثال ذلك عندما يخبرنا حرف كبير أن «جملة ما تبدأ هنا»، أو عندما تطلعنا نقطة على أن «جملة ما تنتهي هنا»، أو عندما تقول لنا مسافة ما إن «الكلمة تنتهي هنا.» صحيح أن نص ملحمتي هوميروس الذي بين أيدينا ينحدر مباشرة من نص إغريقي قديم، ولكننا نتلقى النص بطريقة مختلفة.
عندما يسعى علماء فقه اللغة المعاصرون إلى استعادة «نص أصلي» أقرب ما يمكن من ملحمتي هوميروس، كما يزعم المحررون، فهم في الحقيقة لا يقصدون مطلقا أنهم سوف يعيدون بناء نص أصلي، لربما كان هوميروس سيعترف به. بل إنهم يقدمون تخريجا للكيفية التي قد يفسر بها نص أصلي تبعا للقواعد الحديثة. فما يبدو أنه «قواعد كتابة (ضبط التهجئة)»، أو بكلمات أخرى «الطريقة التي يكتب بها شيء ما»، في نص حديث لملحمتي هوميروس، هو في الحقيقة توضيح تحريري للمعنى والتراكيب النحوية للجمل. ولو قدم لنا المحررون ملحمتي هوميروس الأصليتين، كما كانتا حقا، لما استطاع أحد قراءتها. (2) النصوص الأقدم
غير أن ملحمتي هوميروس عند علماء فقه اللغة تتمثلان دائما في «نصهما»، كيفما قد يكون اهتمام أي أحد بكتابته أو طباعته. التحقيق بشأن أصل هذا الشيء المادي الافتراضي، هذا النص، هو المبحث الشهير الذي يعرف ب «المسألة الهوميرية»
Homeric Question (من الكلمة اللاتينية
quaestio ، وتعني «تحقيق»)، وهو مبحث محوري في العلوم الإنسانية لما يربو على مائتي عام. متى ظهر هذا النص للوجود؟ أين ولماذا؟ كيف وعلى يد من؟ كيف كان يبدو؟ ليتنا عرفنا مصدر القصائد الهوميرية، لنعرف أصلنا نحن، أو أجزاء كبيرة منا. ولأننا نسل ملحمتي هوميروس الثقافي، فقد احتفظت المسألة الهوميرية بالاهتمام والولع الفائقين بها.
Page inconnue