وقد بيَّن ابن بدران سبب كراهية الإمام أحمد لوضع الكتب فقال: (اعلم أن الإمام أحمد ﵁ كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي، وما ذلك إلا ليتوفر الالتفات إلى النقل ويزرع في القلوب التمسك بالأثر) ينظر: المدخل ص ١٢٣.
فالإمام أحمد ﵀ إنما أراد سد الذريعة هجر السنن والآثار، ومن أجاز كتابة الكتب رأى أنها من المصالح المرسلة التي تُعين على جمع العلم وتسهيله على طلابه، وأجمع الكل على أن هذه الكتب والمصنفات إنما هي وسيلة لضبط العلم وحفظه، وأن يُحصِّل الناظر فيها على الآلة التي من خلالها يُدرك مراد الله تعالى، لا أن يُتشاغل بها عن السنن أو تُرد بها الآثار.
ومن ذلك كتابة المختصرات، فإنهم كتبوها ليجمعوا مسائل الأبواب في مذاهبهم بعبارات وجيزة، متضمنةً لمعاني كثيرة؛ فيسهل استحضار المسائل والأحكام، وتكون معينًا للمبتدي وتذكيرًا للمنتهي.
وقد بيَّن الرازي المقصود من كتابة المصنفات، فقال: (فإن قلت: فلم صُنفت كتب الفقه مع فناء أربابها؟ قلت: لفائدتين: إحداهما: استفادة طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث وكيفية