مفرطا وحجتهم فِي ذَلِك أَن الْمَدّ إِنَّمَا وَجب عِنْد اسْتِقْبَال الْهمزَة سَوَاء كَانَت الْهمزَة من نفس الْكَلِمَة أَو من الْأُخْرَى إِذا التقتا لِأَنَّهُ لَا فرق فِي اللَّفْظ بَينهمَا
﴿سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ﴾
قَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو آنذرتهم آنت يهمزان ثمَّ يمدان بعد الْهمزَة وَتَقْدِير هَذَا أَن تدخل بَين ألف الإستفهام وَبَين الْهمزَة الَّتِي بعْدهَا ألفا ليبعد الْمثل عَن الْمثل وَيَزُول الإجتماع فيخف اللَّفْظ وَالْأَصْل ﴿أأنذرتهم﴾ ثمَّ تلين الْهمزَة فِي أنذرتهم
وحجتهما فِي ذَلِك أَن الْعَرَب تستثقل الْهمزَة الْوَاحِدَة فتخففها فِي أخف أحوالها وَهِي سَاكِنة نَحْو كاس فَإِذا كَانَت تخفف وَهِي وَحدهَا فَإِن تخفف وَمَعَهَا مثلهَا أولى
وَقَرَأَ ابْن كثير أنذرتهم بِهَمْزَة وَاحِدَة غير مُطَوَّلَة ومذهبه أَن يُحَقّق الأولى ويخفف الثَّانِيَة وَقَرَأَ ابْن عَامر وَأهل الْكُوفَة ﴿أأنذرتهم﴾ أَأَنْت بهمزتين وحجتهم فِي ذَلِك أَن الْهمزَة حرف من حُرُوف المعجم كَغَيْرِهِ من سَائِر الْحُرُوف صَحا بِالْجمعِ بَينهمَا نَحْو مَا يجْتَمع فِي الْكَلِمَة حرفان مثلان فَيُؤتى بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا صَحِيحا على جِهَته من غير تَغْيِير كَقَوْلِه ﴿أتمدونن بِمَال﴾ و﴿لَعَلَّكُمْ تتفكرون﴾ ونظائر ذَلِك فَلَا يستثقل اجْتِمَاعهمَا بل يُؤْتى بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا فَجعل الهمزتين كَغَيْرِهَا من سَائِر الْحُرُوف
1 / 86