La Preuve Conclusive de Dieu
حجة الله البالغة
Chercheur
السيد سابق
Maison d'édition
دار الجيل
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
سنة الطبع
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
هِيَ من قدر الله "، وَقَول عمر ﵁ فِي قصَّة سرغ أَلَيْسَ إِن رعيتها فِي الخصب رعيتها بِقدر الله؟ الخ وللعباد اخْتِيَار أفعالهم، نعم لااختيار لَهُم فِي ذَلِك الِاخْتِيَار لكَونه معلولا بِحُضُور صُورَة الْمَطْلُوب ونفعه ونهوض داعيه وعزم بِمَا لَيْسَ لَهُ علم بهَا فَكيف الِاخْتِيَار فِيهَا وَهُوَ قَوْله: " إِن الْقُلُوب بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الله يقلبها كَيفَ يَشَاء " وَالله اعْلَم.
(بَاب الْإِيمَان بِأَن الْعِبَادَة حق الله تَعَالَى على عباده لِأَنَّهُ منعم عَلَيْهِم مجَاز لَهُم بالارادة)
اعْلَم أَن من أعظم أَنْوَاع الْبر أَن يعْتَقد الْإِنْسَان بِمَجَامِع قلبه بِحَيْثُ لَا يحْتَمل نقيض هَذَا الِاعْتِقَاد عِنْده أَن الْعِبَادَة حق الله تَعَالَى على عباده، وَأَنَّهُمْ مطالبون بِالْعبَادَة من الله تَعَالَى بِمَنْزِلَة سَائِر مَا يَطْلُبهُ ذَوُو الْحُقُوق من حُقُوقهم، قَالَ النَّبِي ﷺ لِمعَاذ: " يَا معَاذ هَل تدرى مَا حق الله على عباده وَمَا حق الْعباد على الله؟ قَالَ معَاذ: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: " فَإِن
حق الله على الْعباد أَن يعبدوه، وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا، وَحقّ الْعباد على الله تَعَالَى أَلا يعذب من لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا " وَذَلِكَ لِأَن من لم يعْتَقد ذَلِك اعتقادا جَازِمًا وَاحْتمل عِنْده أَن يكون سدى مهملا لَا يُطَالب بِالْعبَادَة، وَلَا يُؤَاخذ بهَا من جِهَة رب مُرِيد مُخْتَار - كَانَ دهريا لَا تقع عِبَادَته، وَإِن بَاشَرَهَا بجوارحه بموقع من قلبه، وَلَا تفتح بَابا بَينه وَبَين ربه، وَكَانَت عَادَة كَسَائِر عاداته.
وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَنه قد ثَبت فِي معارف الْأَنْبِيَاء وورثتهم عَلَيْهِم الصَّلَوَات والتسليمات أَن موطنا من مَوَاطِن الجبروت فِيهِ إِرَادَة وَقصد بِمَعْنى الْإِجْمَاع على فعل مَعَ صِحَة الْفِعْل وَالتّرْك بِالنّظرِ إِلَى هَذَا الموطن، وَإِن كَانَت الْمصلحَة الفوقانية لَا تبقي، وَلَا تذر شَيْئا إِلَّا أوجب وجوده، أَو أوجب عَدمه، لَا وجود للحالة المنتظرة بِحَسب ذَلِك، وَلَا عِبْرَة بِقوم يسمعُونَ الْحُكَمَاء يَزْعمُونَ أَن الْإِرَادَة بِهَذَا الْمَعْنى، فقد حفظوا شَيْئا وَغَابَتْ عَنْهُم أَشْيَاء، وهم محجوبون عَن مُشَاهدَة هَذَا الموطن محجوبون بأدلة الْآفَاق والأنفس.
1 / 129