242

La Preuve Conclusive de Dieu

حجة الله البالغة

Enquêteur

السيد سابق

Maison d'édition

دار الجيل

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

سنة الطبع

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

اعْلَم أَن الله تَعَالَى خلق الشَّيَاطِين وجبلهم على الاغواء بِمَنْزِلَة الدُّود الَّتِي تفعل أفعالا بِمُقْتَضى مزاجها - كالجعل يَده هده الحرأة - وَأَن لَهُم رَئِيسا يضع عَرْشه على المَاء، ويدعوهم لتكميل مَا هم قبله قد اسْتوْجبَ أتم الشقاوة وأوفر الضلال، وَهَذِه سنة الله فِي كل نوع وَفِي كل صنف وَلَيْسَ فِي هَذَا مجَاز، وَقد تحققت من ذَلِك مَا يكون بِمَنْزِلَة الرُّؤْيَة بِالْعينِ.
قَوْله ﷺ: " الْحَمد لله الَّذِي رد أمره إِلَى الوسوسة "
وَقَوله ﷺ: " إِن الشَّيْطَان قد أيس من أَن يعبده الْمُسلمُونَ فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَلَكِن فِي التحريش بَينهم ".
وَقَوله ﷺ: " ذَاك صَرِيح الْإِيمَان ".
اعْلَم أَن تَأْثِير وَسْوَسَة الشَّيَاطِين يكون مُخْتَلفا بِحَسب استعداد الموسوس إِلَيْهِ، فأعظم تَأْثِيره الْكفْر وَالْخُرُوج من الْملَّة، فَإِذا عصم الله من ذَلِك بِقُوَّة الْيَقِين انْقَلب تَأْثِيره فِي صُورَة أُخْرَى، وَهِي المقاتلات وَفَسَاد تَدْبِير الْمنزل والتحريش بَين أهل الْبَيْت وَأهل الْمَدِينَة، ثمَّ إِذا عصم الله من ذَلِك أَيْضا صَار خاطرا يَجِيء، وَيذْهب، وَلَا يبْعَث النَّفس إِلَى عمل لضعف أَثَره - وَهَذَا لَا يضر، بل إِذا اقْترن باعتقاد قبح ذَلِك كَانَ دَلِيلا على صَرَاحَة الْإِيمَان، نعم أَصْحَاب النُّفُوس القدسية لَا يَجدونَ شَيْئا من ذَلِك، وَهُوَ قَوْله ﷺ: " إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَير " وَإِنَّمَا مثل هَذِه التأثيرات مثل شُعَاع الشَّمْس يُؤثر فِي الْحَدِيد والأجسام الصقيلة مَا لَا يُؤثر فِي غَيرهَا، ثمَّ وَثمّ.
وَقَوله ﷺ: " إِن للشَّيْطَان لمة وللملك لمة " الحَدِيث
الْحَاصِل أَن صُورَة تَأْثِير الْمَلَائِكَة فِي نشأة الخواطر الْأنس وَالرَّغْبَة فِي الْخَيْر وتأثير الشَّيَاطِين فِيهَا الوحشة وقلق الخاطر وَالرَّغْبَة فِي الشَّرّ.

1 / 282