16

La Preuve Conclusive de Dieu

حجة الله البالغة

Chercheur

السيد سابق

Maison d'édition

دار الجيل

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

سنة الطبع

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

السّفل وَإِذا برزت البهيمية، وغلبت آثارها كمنت الملكية، وَكَذَلِكَ الْعَكْس، وَأَن للباري جلّ شَأْنه عناية بِكُل نظام، وجودا بِكُل مَا يسْأَله الاستعداد الْأَصْلِيّ والكسبي، فَإِن كسب هيآت بهيمية أمد فِيهَا، وَيسر لَهُ مَا يُنَاسِبهَا، وَإِن كسب هيآت ملكية أمد فِيهَا، وَيسر لَهُ مَا يُنَاسِبهَا كَمَا قَالَ الله ﷿. ﴿فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى فسنيسره لليسرى وَأما من بخل وَاسْتغْنى وَكذب بِالْحُسْنَى فسنيسره للعسرى﴾ . وَقَالَ: ﴿كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من عَطاء رَبك وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا﴾ . وَأَن لكل قُوَّة لَذَّة وألما، فاللذة أَدْرَاك مَا يلائمها، والألم إِدْرَاك مَا يُخَالِفهَا وَمَا أشبه حَال الْإِنْسَان بِحَال من اسْتعْمل مخدرا فِي بدنه، فَلم يجد ألم لفح النَّار حَتَّى إِذا ضعف أَثَره، وَرجع إِلَى مَا تعطيه الطبيعة وجد الْأَلَم أَشد مَا يكون أَو بِحَال الْورْد على مَا ذكره الْأَطِبَّاء أَن فِيهِ ثَلَاث قوى: قُوَّة أرضية تظهر عِنْد السحق والطلاء، وَقُوَّة مائية تظهر عِنْد الْعَصْر وَالشرب، وَقُوَّة هوائية تظهر عِنْد الشم، فَتبين أَن التَّكْلِيف من مقتضيات النَّوْع، وَأَن الْإِنْسَان يسْأَل ربه بِلِسَان استعداده أَن يُوجب عَلَيْهِ مَا يُنَاسب الْقُوَّة الملكية، ثمَّ يثيب على ذَلِك، وَأَن يحرم عَلَيْهِ الانهماك فِي البهيمية، ويعاقب على ذَلِك وَالله أعلم.

1 / 55