La Preuve Conclusive de Dieu
حجة الله البالغة
Chercheur
السيد سابق
Maison d'édition
دار الجيل
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
سنة الطبع
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
وَالثَّالِث أَن تحدث حوادث لأسبابها الخارجية من مجازاة العصاة وحدوث الْأُمُور الْعِظَام فِي الجو، فيجعلها الله تَعَالَى معْجزَة لَهُ بِوَجْه من الْوُجُوه، إِمَّا لتقدم إِخْبَار بهَا، أَو تربت المجازاة على مُخَالفَة أمره، أَو كَونهَا مُوَافقَة بِمَا أخبر من سنة المجازاة، أَو أَمر مِمَّا يشبه ذَلِك.
والعصمة لَهَا أَسبَاب ثَلَاثَة: أَن يخلق الْإِنْسَان نقيا عَن الشَّهَوَات الرذيلة سَمحا لَا سِيمَا فِيمَا يرجع إِلَى مُحَافظَة الْحُدُود الشَّرْعِيَّة، وَأَن يوحي إِلَيْهِ حسن الْحسن وقبح الْقَبِيح ومالهما، وَأَن يحول الله بَينه وَبَين مَا يُرِيد من الشَّهَوَات الرذيلة.
وَاعْلَم أَن من سيرة الْأَنْبِيَاء ﵈ أَلا يأمروا بالتفكر فِي ذَات الله تَعَالَى وَصِفَاته، فان ذَلِك لَا يستطيعه جُمْهُور النَّاس، وَهُوَ قَوْله ﷺ: " تَفَكَّرُوا فِي خلق الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله " وَقَوله فِي آيَة.
﴿وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى﴾
قَالَ: " لَا فكرة فِي الرب " وَإِنَّمَا يأمرون فِي التفكر فِي نعم الله تَعَالَى وعظيم قدرته.
وَمن سيرتهم أَلا يكلموا النَّاس إِلَّا على قدر عُقُولهمْ الَّتِي خلقُوا عَلَيْهَا وعلومهم الَّتِي هِيَ حَاصِلَة عِنْدهم بِأَصْل الْخلقَة، وَذَلِكَ لِأَن نوع الْإِنْسَان حَيْثُمَا وجد فَلهُ فِي أصل الْخلقَة حد من الْإِدْرَاك زَائِد على إِدْرَاك سَائِر الْحَيَوَانَات إِلَّا إِذا عَصَتْ الْمَادَّة جدا، وَله عُلُوم لَا يخرج إِلَيْهَا إِلَّا بخرق الْعَادة المستمرة كالنفوس القدسية من الْأَنْبِيَاء والأولياء، أَو برياضات شاقة تهيئ
نَفسه لإدراك مَا لم يكن عِنْده بِحِسَاب، أَو بممارسة قَوَاعِد الْحِكْمَة وَالْكَلَام وأصول الْفِقْه وَنَحْوهَا مُدَّة طَوِيلَة، فالأنبياء لم يخاطبوا النَّاس إِلَّا على منهاج إدراكهم الساذج الْمُودع فيهم بِأَصْل الْخلقَة، وَلم يلتفتوا إِلَى مَا يكون نَادِر الْأَسْبَاب قَلما يتَّفق وجودهَا، فَلذَلِك لم يكلفوا النَّاس أَن يعرفوا رَبهم بالتجليات والمشاهدات، وَلَا بالبراهين والقياسات، وَلَا أَن يعرفوه منزها عَن جَمِيع الْجِهَات، فان ذَلِك كالممتنع بِالْإِضَافَة إِلَى من لم يشْتَغل بالرياضات، وَلم يخالط المعقوليين مُدَّة طَوِيلَة، وَلم يرشدوهم إِلَى طَرِيق الاستنباط والاستدلالات ووجوه الاستحسانات، وَالْفرق بَين الْأَشْبَاه والنظائر بمقدمات دقيقة المأخذ، وَسَائِر مَا يَتَطَاوَل بِهِ أَصْحَاب الرَّأْي على أهل الحَدِيث.
وَمن سيرتهم أَلا يشتغلوا بِمَا لَا يتَعَلَّق بتهذيب النَّفس وسياسة الْأمة كبيان أَسبَاب حوادث الجو من الْمَطَر والكسوف والهالة وعجائب النَّبَات وَالْحَيَوَان ومقادير سير
1 / 158