<21> قال الحبر: هذا وأمثاله مما يحسن البحث عنه وعن كيفية أحكام الله في عباده، وتعليقها بما علقها النبي من פוקד עון אבות על בנים לשונאי ועושה חסד לאלפים לאוהביו ולשומרי מצותיו. وتنظير ذنب ذنب إلى عقوبه مما جاء في الמקרא وفي آثار الחכמים، وما يرد من ذلك بالתשובה وما لا يرد. وشروط الתשובה ما يأتي من الامتحان على سبيل المحنة والتجربة، وعلى سبيل الاقتصاص من ذنب متقدم. وعلى سبيل التعويض في الدنيا، وعلى سبيل التعويض في الآخرة، أو لذنوب الآباء وما يأتي من نعمة لحسنة متقدمة. أو من أجل זכות אבות، أو لامتحان ولتجربة. وامتزاج هذه الوجوه وغيرها مما يغمض وضوحه ويوشك أن ينكشف عند البحث. وأكثر الأسباب في צדיק ורע לו רשע וטוב לו. وما لم ينكشف يسلم فيه إلى علم الله تعالى وعدله. ويقر الإنسان وجهله في هذه الأسباب الجلية فضلا عن الخفية. وإذا وصل بمناظرته إلى الذات الأولى وما يجب لها من الصفات تبرأ عنها ورأى أن دونها حجاب نور يبهر الأبصار فيعتذر علينا إدراكها لقصور أبصارنا وبصائرنا، لا لخفائه ولا لنقصانه، فإنه أبهر وأشهر وأظهر عند ذوي الأبصار النبوية من أن يحتاج فيها إلى استدلال وغايتنا من ميز حقيقته أن نميز في الطبيعيات ما لم يكن فيه سبب شيء من الطبائع فننسبه إلى قوة غير جسمانية بل إلهية كما يقول جالينوس في القوة المصورة ويفضلها على سائر القوى ويرى أنها ليست من قبل المزاج بل لأمر إلهي. وفي المعجزات أن نرى قلب الأعيان وخرق العادات واختراع موجودات لم تكن دون حيلة متقدمة. وذلك الفرق بين ما عمل على يد משה ע"ה وبين عمل الחרטומים בלטיהם التي لو فتش عليهم لوجدت الحيلة كما قال ירמיהו: הבל המה מעשה תעתועים בעת פקדתם יאבדו، يعني أن تفقدتها وفتشت عليها تلاشت كالشيء المدلس. والأمر الإلهي كل ما فتشت عليه وجدته كالذهب الإبريز. فإذا وصلنا هذه الرتبة قلنا أن هناك لا محالة أمرا ليس بجسماني يدبر جميع الجسمانيات تعجز أذهاننا عن البحث عنه، فلنعتبر في أفعاله ونتوقف عن وصف ذاته، فإنه لو أدركنا حقيقته لكان ذلك نقصا فيه. فلا نبالي بقول الفلاسفة الذين يقسمون العالم الإلهي إلى رتب. فكلها عندنا رتبة إلهية منذ ننفصل من التجسيم فليس إلا إله مدبر للأجسام. والذي دعا الفلاسفة إلى تكثير الإلهات اعتبارهم حركات الأفلاك حصلوها ووصلوها لأكثر من أربعين ورأوا أن لكل حركة منها سببا غير سبب الأخرى وأخرج لهم النظر أن تلك الحركات إرادية لا قسرية ولا طبيعية. فوجب أن تكون كل حركة عن نفس ولكل نفس عقل. وذلك العقل هو ملك مفارق للمادة. فسموا تلك العقول الله وملائكة وعللا ثواني وغير ذلك من الأسماء، وآخر رتبها وأقربها إلينا العقل الفعال. زعموا أنه مدبر هذا العالم والأدنى، ثم العقل الهيولاني، ثم النفس، ثم الطبيعة، ثم القوى الطبيعية والحيوانية. وقوة عضو عضو. وهذا كله تدقيق يفيد التحذيق لا التحقيق، والمنخدع له على كل حال زنديق، فدع استشهاد القرائين بوصية דוד ע"ה لولده ועתה שלמה בני דע את אלהי אביך ועבדהו. واستدلالهم من ذلك على أنه يحتاج إلى معرفة الله حق المعرفة وحينئذ تجب عبادته. بل إنما حث على تقليد والده وأجداده في اعتقاد אלהי אברהם وאלהי יצחק وאלהי יעקב الذي صحبتهم عنايته وأنجز لهم مواعده في كثرة النسل ووراثة الشام وحلول السكينة وغير ذلك، ومثل قوله אלהים אשר לא ידעום، وאשר לא ידעתם، لم يرد بذلك المعرفة بحقيقتها، بل التي لم تروا منها لا خيرا ولا شرا، فلا ترجونها ولا تخافونها.
<22> ثم إنه كان من أمر هذا الحبر أنه عزم على الخروج من بلاد الخزر قاصدا ירושלם ת"ו فعز على الخزري فخاطبه على ذلك قائلا ما الذي يطلب اليوم في الشام والسكينة معدومة منها، والتقرب إلى الله مدرك في كل مكان بالنية الخالصة والتشوق الشديد، ولما تتكلف الغرر في البر والبحر والأمم المختلفة.
<23> فقال الحبر: أما السكينة الظاهرة عيانا فهي التي عدمت، إذ لا تتجلى إلا لنبي أو لجمهور مرضي في موضع الخاص وهو المنتظر من قوله כי עין בעין יראו בשוב ה' ציון، وقولنا في صلاتنا ותחזינה עינינו בשובך לנוך לציון. وأما السكينة الخفية الروحانية فهي مع إسرائيلي صريح، زكي الأعمال، طاهر القلب، خالص النية لرب إسرائيل، وأرض الشام خاصة برب إسرائيل والأعمال لا تتم إلا بها. وكثير من شرائع الإسرائيلية تسقط عن من لا يسكن الشام. والنية لا تخلص والقلب لا يطهر إلا في المواضع التي يعتقدها خاصة لله. ولو كان ذلك تخييلا وتمثيلا فكيف وذلك حقيقة كما تقدم بيانه، فيهيج الشوق نحوها وتخلص النية فيها، لا سيما لمن قصدها من بعد، لا سيما لمن سلفت له ذنوب ويروم الاستغفار، ولا سبيل إلى الקרבנות التي كانت مشروعة من الله لذنب ذنب من זדון وשגגה، فيأنس إلى قول الחכמים גלות מכפרת עון. لا سيما إن كان الاغتراب إلى موضع رضاء. وأما التغرير في بر وفي بحر فليس بتغرير داخل في לא תנסו את ה'، بل تغرير كما يغرر مثله لو كانت له سلعه يرجو أن يربح فيها ولو غرر أكثر من هذا بجنب شوقه ورجاء الغفران لكان معذورا في تعرضه للمهالك، بعد أن حاسب نفسه وشكر على ما مضى من عمره وقنع به، وحبس بقية أيامه على رضا ربه. حمد وشكر، وإن أهلكه بذنوبه رضي وصبر، وتحقق أنه استغفر بموتته أكثر ذنوبه. ورأيي أرجح رأيا من الذين يغررون بأنفسهم في الحروب ليذكروا بالشجاعة والسبق أو ليأخذوا أجرة كبيرة، وإنه أخف تغريرا من الذين يصادرون الحرب للأجر في الجهاد.
<24> قال الخزري: قد كنت أراك تحب الحرية، وأراك الآن تستزيد عبودية من لوازم تلزمك إذا سكنت الشام من شرائع ليست لازمة لك ههنا.
<25> قال الحبر: إنما أطلب الحرية من عبودية الكثيرين الذين أطلب رضاءهم ولا أدركه، ولو جهدت مدى عمري فيه، ولو ادركته لم ينفعني، أعني عبودية الناس وطلب رضاءهم.
وأطلب عبودية واحد يدرك رضاءه بأيسر مؤنة، وهو نافع في الدنيا والآخرة، وذلك رضاء الله تعالى، فعبوديته هي الحرية، والتذلل له هو العز الحقيقي.
<26> قال الخزري: إذا اعتقدت كل ما ذكرته فقد علم الله تعالى نيتك، والنية خالية مع الله عالم النيات وكاشف الخفيات.
<27> قال الحبر: هذا حق إذا تعذر العمل. وأما الإنسان مخلي بينه وبين أمله وعمله. فالإنسان ملوم إذ لا يجلب الأجر الظاهر إلى العمل الظاهر. ولذلك قيل והרעותם בחצוצרות ונזכרתם לפני ה' אלהיכם והיו לכם לזכרון، وזכרון תרועה، ليس أن الله محتاج إلى التذكير والتنبيه، لكن لأن الأعمال محتاجة إلى كمال وحينئذ تستحق المجازئة كما تحتاج معاني الصلاة إلى النطق بها على أكمل ما يكون من التحنن والضراعة متى وفيت النية والعمل على ما يجب كانت المجازئة عليها، فيصير ذلك على معهود الناس كأنه تذكير وדברה תורה כלשון בני אדם. وإن كان العمل دون النية أو النية دون العمل خاب السعي، اللهم إلا فيما لم يمكن. فاحضار النية والاعتذار عن العمل نافع بعض منفعة، مثل اعتذارنا في صلاتنا ומפני חטאינו גלינו מארצנו، وما أشبه ذلك. وفي تنبيه الناس وتحريكهم إلى محبة ذلك الموضع المقدس أجر وتأكيد للأمر المنتظر كقوله אתה תקום תרחם ציון כי עת לחננה כי בא מועד، כי רצו עבדיך את אבניה ואת עפרה יחוננו، يعني أن ירושלם إنما تبنى إذا تشوق ישראל إليها غاية الشوق حتى يحنوا على حجارتها وترابها.
<28> قال الخزري: إن كان هكذا فمنعك إثم، ومعونتك حسنة، أعانك الله وكان لك ناصرا ووليا وعنك رضيا بمنه وשלום.
تم الكتاب بعون الله تعالى وحسن عونه ولواهب العون حمدا بلا نهاية
Page inconnue