<13> قال الحبر: هذا الذي تقول هو الدين القياسي السياسي يؤدي إليه النظر وتنطوي فيه شكوك كثيرة فسل الفلاسفة عنه ولن تجدهم متفقين على عمل واحد ولا اعتقاد واحد، إذ هي دعاوى، منها ما يقدرون أن يبرهنوا عليها، ومنها ما يقنعون فيها، ومنها ما ليس يقنعون فيه فضلا عن البرهان.
<14> قال الخزري: أرى كلامك يا يهودي أشبه من فاتحته، وقد أريد الزيادة.
<15> قال الحبر: بل فاتحة كلامي هو البرهان، بل هو العيان وغنى عن دليل وبرهان.
<16> قال الخزري: وكيف ذلك.
<17> قال الحبر: تأذن لي في مقدمات أقدمها، فأني أراك مستحقرا لكلامي مستقلا له.
<18> قال الخزري: قدم مقدماتك حتى أسمع.
<19> قال الحبر: لو قيل لك أن صاحب الهند فاضل ينبغي لك تعظيمه والتنويه باسمه، ووصف آثاره بما يتصل بك من عدل أهل بلاده وفضل أخلاقهم وعدل معاملتهم، هل كان هذا يلزمك.
<20> قال الخزري: وكيف يلزمني والشك في أهل الهند هل عدلهم من ذاتهم وليس لهم ملك، أو عدلهم من قبل ملكهم. أم الأمر من الوجهين معا.
<21> قال الحبر: فلو جاك رسوله بهدايا هندية لا تشك أنها لا تجد إلا في الهند في قصور الملوك، بكتاب مشهود فيه أنه من قبله، ويقترن به أدوية تداويك من أمراضك، وتحفظ عليك صحتك، وسموم لأعدائك ومحاربيك تقابلهم بها فتقتلهم دون أعداد ولا إعداد، هل كنت تلتزم طاعته.
<22> قال الخزري: نعم، وكان يزول عني الشك القديم هل للهند ملك أم لا، وكنت أعتقد أن ملكه وأمره واصل إلي.
Page inconnue