<59> قال الخزري، هل عندك في هذا بعض إقناع وتقريب؟
<60> قال الحبر، قد قلت لك إن لا مناسبة بين عقولنا والأمر الإلهي وينبغي أن لا نروم تعليل مثل هذه العظائم. لكني أقول بعد الإستغفار والتبري من القطع أنه كذلك أنه ربما تعلقت ال.. وال.. من نجاسة الميت لأن الموت هو الفساد الأعظم، والعضو الأبرص كالميت، والمني الفاسد كذلك لأنه كان ذا روح طبيعي متهيئ ليكون نطفة ويتكون منه إنسان ففساده مضاد لخصوصية الحياة والروح، وليس يدرك مثل هذا الفساد للطافته إلا ذوو الأرواح اللطيفة والأنفس الشريفة التي تعلق بالإلهية بالنبوة أو الرؤية الصادقة والخيالات المتحققة. نعم وقد وجد قوم ثقلا في نفوسهم مهما لم يطهروا من جنابتهم وقد جرب أنهم يفسدون بمسهم الأشياء اللطيفة كالنواوير والخمور. وأكثرنا يتغير من قرب الموتى والمقابر. وتشوش نفوسهم مدة في البيت الذي كان فيه الميت. ومن كان غليظ الفؤاد لا يتغير لذلك، كما نرى مثل ذلك في العقليات من يطلب صفاء فكر في العلوم البرهانية، أو صفاء نفس للصلاة والدعاء يجد للأغذية الغليظة ولزيادة المأكول والمشروب ضررا، وكذلك يجد الضرر من مجالسة النساء وصحبة ذوي الهزل والاشتغال بالاشعار الهزلية الغزلية.
<61> قال الخزري، يقنعني هذا عند تشكك النفس لما ذا ينجس هذا الفضل الجوهري أعني المني وكله روح ما لا ينجس البول والبراز على سماغة رائحته ومنظره مع كثرته. وبقي على ...
<62> قال الحبر، قد قلت إنها من خصوصيات ال..، فإنها كانت في ... بمنزلة الروح في جسد الإنسان، تفيدهم حياة إلهية وتكسبهم رونقا وجمالا ونورا في أنفسهم وأبدانهم وهياتهم ومساكنهم، ومتى انقبضت عنهم سخفت آراؤهم وسمجت أبدانهم وتغير جمالهم وإذا انقبضت عن الأفراد ظهر على شخص شخص آثار انقباض نور ال.. عنه، كما ترى أثر انقباض الروح دفعة للفزع والهم يغير البدن ونرى في النساء والصبيان لضعف أرواحهم يعرض في أبدانهم آثار سود وخضر من الخروج بالليل، وينسب ذلك للشياطين، وربما عرض من ذلك ومن رؤية الموتى والقتلى أمراض عسيرة الزوال في البدن والنفس.
<63> قال الخزري، أرى شريعتكم ينطوي فيها كل دقيق وغريب، من العلوم ما ليس كذلك في غيرها.
<64> قال الحبر، بل ال .. كانوا مكلفين ألا يفوتهم علم من العلوم الحقيقية والتخيلية والإصطلاحية حتى السحر واللغات وكيف يوجد دائما سبعون شيخا عالما أن لم تكن العلوم شائعة مبثوثة في الأمة، فمتى ما مات شيخ خلفه آخر مثله. وكيف لا يكون ذلك وكلها محتاج إليها في الشريعة، فالطبيعية منها محتاج إليها في الفلاحة لمعرفة ال..، والتحفظ من ال.. وال..، وفي تمييز النبات وأنواعه كي تبقى على ما خلقت عليه ولا يختلط نوع بنوع علم دقيق، هل الخندروس مثلا من نوع ال..، أو ال.. من نوع ال..، والقنبيط من نوع الكرنب ومعرفة قوى أصولها، ومقدار امتدادها في الأرض، وما يبقى لسنة أخرى، وما لم يبق ليعلم كم يترك بين نوع ونوع في المكان وفي الزمان. ثم في تمييز أنواع الحيوان لهذا الغرض، وغرض آخر في ما له سم وما لا له سم. ثم معرفة ال.. التي هي أدق من كل ما أتى به أرسطاطاليس من معرفة مقاتل الحيوان للإبعاد عن أكل الميتة، وفي القليل الذي بقي عندنا من هذا العلم ما يبهر العقول ثم معرفة العيوب التي من أجلها يتأخر ال... عن الخدمة. وعيوب الحيوان الذي يبعد عن القرابين. ثم في تفرقة أصناف ال... للرجل وللإمرأة وكمية أدوار ال...، وفي تفاصيل ذلك علوم لا يقدر عليها البشر بطريق قياسية دون معونة إلهية.
وفي علم الأفلاك ومسيرها ما صار العبور (עבור?) بعض نتائجه. وجلالة قانون ال... معلومة، وما تأصل فيه لهذه الأمة الضعيفة المادة القوية الصورة، وكيف لا، وهي غير محسوسة بين الأمم لقلتها وذلتها وتشتتها، وتنظمها بقايا الشريعة الإلهية نظاما صاروا به كواحد. ومن أغربها ال... بالأصول المنقولة عن ... من ... الذي لم يختل منذ ألف ومئين سنين، وقد اختلت إرصاد الراصدين من ... وغيرهم، واحتيج فيها إلى إصلاح وزيادات بعد مائة عام. وهذا بقي على صحته لاقترانه بالنبوة. ولو صحبه اختلال في دقيقة في الأصل لكانت اليوم الفضيحة لبعد ما كان يوجد بين ال.. وال.. وكذلك لا شك كانت عندهم ... وغيرها من الكواكب.
وأما علم الموسيقى فتخيل أمة تفضل الألحان وتوقفها على أجل قومها وهم ... ينتحلون الأغاني في البيت المعظم في الأوقات المعظمة، وقد كفوا طلب المعايش بما يأخذون من العشور(עשור?)، فلا شغل لهم غير الموسيقى، والصناعة معظمة عند الناس كما هي في نفسها لا مهجنة ولا ضائعة، والقوم من شرف العنصر وذكاء الطبع حيث هو، ومن رؤساءهم في الصناعة ...و...، فما تظن بالموسيقى هل أحكموها أم لا.
<65> قال الخزري، هناك لا محالة تمت وكملت، وهناك حركت الأنفس كما يقال إنها تنقل النفس من خلق إلى ضده وليس يمكن أن تكون اليوم في نسبة مما كانت إذ صارت هجينة، ويحملها الخدم والمهجورون من الناس، لكنها يا حبر ضاعت على شرفها كما ضعتم على شرفكم.
<66> قال الحبر، وما ظنك بعلوم ... وقد تكلم على جميع العلوم بتأييد إلهي وعقلي وغريزي وكان أهل الأرض يقصدونه لينقلوا علومه إلى الأمم، حتى من الهند. فجميع العلوم إنما نقل أصولها وجملها من عندنا إلى ال.. أولا. ثم إلى... ثم إلى ... ثم إلى الروم. ولبعد العهد وكثرة الوسائط لا يذكر في العلوم أنها نقلت من العبرانية، لكن من اليونانية والرومية والفضل للعبرانية في ذات اللغة وفي ما ضمنت من المعاني.
Page inconnue