47

Les Épîtres de Jahiz

رسائل الجاحظ

Chercheur

عبد السلام محمد هارون

Maison d'édition

مكتبة الخانجي، القاهرة

Année de publication

1384 ه - 1964 م

وكتب إلى كسرى يدعوه إلى نجاته وتخليصه من كفره، فبدأ باسمه على اسمه، فأنف من ذلك كسرى لشقوته، وأمر بتمزيق الكتاب، فلما بلغه صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم مزق ملكه كل ممزق ". فمزق الله جل وعز ملكه، وجد أصله، وقطع دابره، لأن كل ملك في الأرض، وإن كان قد أخرج من معظم ملكه، فهو مقيم على بقية منه، وذلك أن الإسلام لم يترك ملكا بحيث تناله الحوافر والأخفاف والأقدام، إلا أزاله عنه، وأخرجه منه إلى عقاب يعتصم بها، ومعاقل يأوي إليها، أو طرده إلى خليج منيع، لا يقطعه إلا السفن، فهم من بين هارب قد دخل في وجار، أو اختفى في غيضة، أو مقيم على فم شعب، ورأس مضيق، قد سخت نفسه عن كل سهل، وأسلم كل مرج أو ملك لا قرار له، وليس بذي مدر فيؤتى، وإنما أصحابه أكراد يطلبون النجعة، أو كخوارج يطلبون الغرة. فأما أن يكون ملك يصحر لهم، ويقيم بإزائهم، ويغاديهم الحرب ويمسيهم، ويساجلهم الظفر ويناهضهم، كما كانت ملوك الطوائف، وكالذي كان بين فارس والروم فلا، وذلك لقوله تعالى: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله " إلى قوله عز ذكره: " المشركون ". فلم يرض أن أظهر دينه حتى جعل أهله الغالبين بالقدرة، والظاهرين بالمنعة، والآخذين الإتاوة.

Page 268