الوداع يا مصر!
35
يا لها من مفاجأة! أحق تقع هذه الأمور في الحياة؟ وأن يدعى - هو - للدفاع عن قاتل سمراء وجدي؟ نقل بصره بين عليات وحامد، مخفيا انفعالاته وراء قناع بارد من التجرد، وقال: قرأت ما نشر عن الجريمة في الصحف، ففكرت طويلا في سر صمت المتهم.
فقال حامد: نحن نعرف الأسرار كلها.
فقال الأستاذ بعجلة: معذرة، احتفظ بها، فإنني لم أقبل القضية بعد.
فقالت عليات: ولكنك ستقبلها طبعا؟
آه، سمراء وجدي. ترى لم قتلها الرجل. لفضيحة ما ولا شك. وسوف يقتضي الدفاع عنه النبش في ماضي الفتاة، والكشف عن فضائحها، والتشهير بها، فهل يقوم هو بذلك؟ وهل يستبعد في تلك الحال أن ينبري شخص مجهول لهتك سره المنطوي، وتعرية الدور الفاضح، الذي لعبه في حياة الفتاة؟ ولم يتردد فأجاب: آسف يا آنسة، لا وقت عندي البتة!
فهتفت عليات: ولكنك لن تتخلى عنا؟ - الأمانة تقتضي أن أتخلى، ولكني سأعهد بها إلى زميل معروف لا يختلف في تقديره اثنان! - ولكننا قصدناك أنت!
فقال بلهجة مؤدبة، ولكن نهائية: الأمانة وحدها التي تمنعني.
وهمت عليات بالكلام، فمال حامد نحوها قائلا: علينا أن نصدقه ونشكره، إن هي إلا عثرات في الطريق، ولكنه بات ممهدا لما نأمله.
Page inconnue