قال كنت: «كان مشيدا على أعمدة مثبتة في الأسمنت، وكانت قد أوشكت على البلى حينها. من العجيب أنه لم ينهر.»
قالت سونيه: «اعتدت أنت وكاث الذهاب لمعاينة المنازل؛ ففي يوم عطلتك، تذهبان إلى تقسيمات الأراضي المخصصة للبناء، مصطحبين نويل معكما في عربة الأطفال. كنتما تعاينان كل المنازل الجديدة. تعلم كيف كان حال هذه المناطق آنذاك بكل تأكيد؛ لم تكن هناك أي أرصفة للمشاة؛ لأنه من المفترض في تلك الأيام أن الناس لم يعودوا يسيرون على أقدامهم. هذا فضلا عن قطع كل الأشجار، والتصاق المنازل بعضها ببعض كما لو كان كل منها يحدق في الآخر عبر النوافذ الضخمة التي تظهر ما بداخلها.»
فسألها كنت: «هل كان من الممكن لشخص في مستهل حياته أن يتحمل تكلفة شيء غير هذا؟» «أعلم، أعلم. لكنك كنت تسأل كاث: «أيها تفضلين؟» ولم تكن كاث تجيب مطلقا. وفي النهاية، كنت تغضب وتسألها أي المنازل تفضل في أي مكان، فتجيب: «الكوخ العظيم».»
لم يتذكر كنت ذلك، لكنه افترض حدوثه بالفعل؛ فقد كان ذلك - على أي حال - ما حكته كاث لسونيه.
3
أقام كوتر وسونيه حفل وداع قبل أن يغادر كوتر إلى الفلبين أو إندونيسيا أو أيا ما كان المكان الذي كان متوجها إليه. وكانت سونيه ذاهبة أيضا إلى أوريجون للبقاء مع والدة كوتر. دعي إلى الحفل كل من كانوا يعيشون على الشاطئ؛ كان ذلك هو التصرف الوحيد المعقول، بما أن الحفل كان سيقام خارج المنزل. دعي، كذلك، بعض الأشخاص الذين عاش معهم كوتر وسونيه في أحد المنازل الشيوعية في السابق - قبل انتقالهم إلى الشاطئ - بالإضافة إلى صحفيين كان كوتر على معرفة بهم، وأشخاص عملت معهم سونيه في المكتبة.
قالت كاث: «الجميع مدعوون.» فسألها كنت بابتهاج: «مزيد من مناصري اليسار؟» فأجابته بأنها لا تعرف؛ كل ما تعرفه أن الجميع مدعوون.
استأجرت مونيكا جليسة الأطفال التي اعتادت الاستعانة بها، ورتبت إحضار جميع الأطفال إلى منزلها على أن يتشارك الآباء في التكلفة. أحضرت كاث نويل إلى منزل مونيكا في عربة الأطفال الخاصة بها مع بدء حلول الليل. أخبرت جليسة الأطفال بأنها ستعود لاصطحاب نويل قبل انتصاف الليل، وهو الوقت الذي ستستيقظ فيه نويل على الأرجح للحصول على رضعتها. كان بإمكانها إحضار زجاجة اللبن الإضافية التي أعدتها في المنزل، لكنها لم تفعل، فلم تكن موقنة مما سيكون عليه حال الحفل، ورأت أنها قد تفضل اغتنام أي فرصة للمغادرة.
لم تكن كاث قد تحدثت مع سونيه عن العشاء الذي أقيم في منزل سونيه وتعارك فيه كنت مع جميع الحضور. كانت تلك هي المرة الأولى التي تلتقي فيها سونيه بكنت، وكل ما قالته فيما بعد إنه وسيم للغاية. فشعرت كاث بأن الوسامة بديل ترضية تافه.
جلست ذلك المساء - أثناء العشاء في منزل سونيه - ظهرها إلى الحائط، محتضنة وسادة على بطنها؛ فقد كانت معتادة على احتضان وسادة حيث اعتاد الجنين ركل بطنها. كانت الوسادة باهتة اللون مغطاة بالأتربة، شأنها شأن كل شيء آخر في منزل سونيه (الذي استأجرته هي وكوتر مؤثثا). كان مرسوما عليها أوراق أشجار، وأزهار زرقاء تحول لونها إلى الفضي. ثبتت كاث عينيها على هذه الرسوم، بينما كان الحضور يثيرون حفيظة كنت - لكنه لم يدرك حتى ذلك. تحدث الشاب معه بغضب مفتعل كغضب ابن يتحدث مع والده، في حين تحدث كوتر بصبر نافد كأستاذ مع طالب لديه. أما الرجل العجوز، فقد كان مستمتعا بشدة، بينما فاض شعور المرأة بالاشمئزاز منه أخلاقيا، كما لو كانت تحمل كنت شخصيا مسئولية قنبلة هيروشيما، وحرق الفتيات الآسيويات أحياء في المصانع المغلقة، وكل الأكاذيب الكريهة والنفاق المتبجح. لكن كنت كان هو من يجلب كل ذلك على نفسه، كما رأت كاث. لقد خشيت من حدوث ذلك عندما رأت القميص وربطة العنق اللذين ارتداهما كنت، وقررت هي ارتداء الجينز بدلا من تنورة الحمل الأنيقة الخاصة بها. لكن بوصولها إلى هناك لم يكن من مفر ولزم تحمل العواقب. وما كان منها سوى الضغط بالوسادة على هذا النحو أو ذاك والنظر إلى البريق الفضي لرسوماتها.
Page inconnue