فقالت له إنيد إن الآلام في ساقيها بدأت تقل، والحبوب الجديدة التي قدمها لها الطبيب تمنحها فيما يبدو بعض الراحة.
وأضافت: «المشكلة الوحيدة أنها تجعلها تنام مبكرا؛ ومن ثم، يصعب عليك رؤيتها.»
ورد روبرت: «الراحة أفضل لها.»
ذكرت هذه المحادثة الهامسة إنيد بمحادثاتهما معا في المدرسة الثانوية، عندما كانا في السنة الأخيرة بالمدرسة، وتوقفت عن مضايقته أو التحرش به أو أيا كان اسم ما تفعله. جلس روبرت خلفها طوال ذلك العام، واعتادا التحدث معا عادة باقتضاب ولغرض محدد دوما، وكانت الأسئلة المتداولة بينهما من قبيل: «هل معك ممحاة للحبر؟ كيف تنطق كلمة «تجريم»؟ أين يقع البحر التيراني؟» وكانت إنيد غالبا هي التي تبدأ الحديث بعد أن تستدير نحوه قليلا، وتتمكن من الشعور بمدى قربه، وإن لم تكن تراه. كانت ترغب بالفعل في اقتراض الممحاة، أو بحاجة للمعلومة، لكنها أرادت أيضا توثيق أواصر الصلة بينهما. هذا فضلا عن رغبتها في إصلاح ما فعلته في الماضي؛ إذ شعرت بالخزي من الأسلوب الذي عاملته هي وصديقاتها به. ولم يكن الاعتذار ليجدي، وإنما سيتسبب في إحراجه مجددا، ولم يكن يشعر بالارتياح إلا عندما كان يجلس خلفها ويعلم أنها لا تستطيع النظر في وجهه. وإن تقابلا في الشارع، كان يشيح بوجهه بعيدا إلى أن يلتقيا، ثم يهمس لها بتحية خافتة، في حين تصيح هي: «مرحبا روبرت» بصوت عال، لتسمع صدى الأصوات المعذبة القديمة التي أرادت محوها.
لكنه عندما كان يربت بإصبعه على كتفها للفت انتباهها، أو عندما يميل عليها حتى يكاد يلمس، أو ربما - لم تكن متأكدة - يلمس بالفعل شعرها الذي اتسم دوما بجموحه حتى عند قصه قصيرا، كانت تشعر بأنه قد سامحها بالفعل. وبصورة ما، كانت تشعر بالفخر، وبعودتها إلى الجدية والاحترام.
أين بالضبط يقع البحر التيراني؟
تساءلت إنيد عما إذا كان يتذكر أيا من هذه الأمور الآن.
فصلت إنيد الصفحات الأمامية والخلفية للصحيفة بعضها عن بعض. رأت خبرا عن مارجريت ترومان في زيارة لإنجلترا، وتنحني - في الصورة - محيية العائلة الملكية. ومن الأخبار الأخرى، محاولة الأطباء علاج الملك من داء بورغر باستخدام فيتامين ه.
قدمت إنيد الصفحات الأمامية من الصحيفة لروبرت، وهي تقول: «سوف أحل الكلمات المتقاطعة. أحب حلها؛ إذ تمنحني الراحة في نهاية اليوم.»
جلس روبرت، وشرع في قراءة الصحيفة، وسألته إنيد إن كان يرغب في احتساء كوب من الشاي، فطلب منها، بالطبع، ألا تكلف نفسها عناء إعداده؛ بيد أنها أعدته على الفور، مدركة أن هذا الرد قد يعني «نعم» في لغة أهل الريف.
Page inconnue