L'amour d'Ibn Abi Rabia et sa poésie

Zaki Mubarak d. 1371 AH
164

L'amour d'Ibn Abi Rabia et sa poésie

حب ابن أبي ربيعة وشعره

Genres

كانت عفيفة فلم يستطع أحد من طغاة الفتيان والأمراء أن يطمع منها في كثير من الإثم أو قليل، ولم يجد أترابها مغمزا ينلنها منه حين يجد الشغب ويطول اللجاج، وكانت في عفتها وصيانتها خنثة غنجة تواتي الزوج بأطيب ما تستطيع المرأة العروب من غرائب الدلال.

تموت وتحيا بالضجيع وتلتوي

بمضطرب المتنين منبتر الخصر

وهي التي تقول، وقد لامتها إحدى صواحباتها حين سمعتها تتقتل تحت عمر بن عبيد الله: إنا نتشهى لهذه الفحول بكل ما حركها وكل ما قدرنا عليه!

وكانت شرسة لا يقدر عليها الزوج إلا بالتلاحي والضرب، ولها في هذا الباب أخبار تروى للتفكه والمزاح، فمن ذلك أنها قالت لمصعب: أنت علي كظهر أمي، وقعدت في غرفة وهيأت فيها ما يصلحها، فجهد مصعب أن تكلمه فأبت، فبعث إليها ابن قيس الرقيات فسألها كلامه، فقالت: كيف بيميني؟ فقال هاهنا الشعبي فقيه أهل العراق، فاستفتيه! فدخل عليها فأخبرته، فقال: ليس هذا بشيء. فقالت: أتحلني وتخرج خائبا، وأمرت له بأربعة آلاف درهم.

وغضبت يوما على مصعب، وكانت من أحب الناس إليه، فشكا ذلك إلى أشعب، فقال: ما لي إن رضيت؟ قال: حكمك! قال: عشرة ألاف درهم، قال: هي لك، فانطلق حتى أتى عائشة فقال: جعلت فداءك! قد علمت حبي لك، وميلي قديما وحديثا إليك، من غير منالة ولا فائدة، وهذه حاجة قد عرضت تقضين بها حقي، وترتهنين بها شكري.

قالت: وما عناك؟ قال: قد جعل لي الأمير عشرة آلاف درهم إن رضيت عنه، قالت: ويحك! لا يمكنني ذلك.

قال: بأبي أنت فارضي عنه حتى يعطيني، ثم عودي إلى ما عودك الله من سوء الخلق! فضحكت منه ورضيت عن مصعب.

وروى صاحب «الأغاني» أن مصعبا شكاها إلى ابن أبي فروة كاتبه، فقال له: أنا أكفيك هذا إن أذنت لي، قال: نعم، افعل ما شئت فإنها أفضل شيء نلته من الدنيا، فأتاها ليلا ومعه أسودان، فاستأذن عليها، فقالت له: أفي مثل هذه الساعة؟ قال: نعم، فأدخلته، فقال للأسودين: احفرا ها هنا بئرا، فقالت له جاريتها: وما تصنع بالبئر؟ قال: شؤم مولاتك! أمرني هذا الفاجر أن أدفنها حية وهو أسفك خلق الله لدم حرام، فقالت عائشة: فأنظرني أذهب إليه، قال : هيهات لا سبيل إلى ذلك! وقال للأسودين: احفرا، فلما رأت الجد منه بكت، ثم قالت: يا ابن أبي فروة، إنك لقاتلي ما منه بد؟ قال: نعم، وإني لأعلم أن الله سيجزيه بعدك، ولكنه قد غضب، وهو كافر الغضب، قالت: وفي أي شيء غضبه؟ قال: في امتناعك عنه، وقد ظن أنك تبغضينه وتتطلعين إلى غيره، فقد جن، فقالت: أنشدك الله إلا عاودته! قال: إني أخاف أن يقتلني، فبكت وبكى جواريها، فقال: قد رققت لك، وحلف أن يغرر بنفسه، ثم قال لها: فما أقول؟ قالت: تضمن عني ألا أعود أبدا! قال: فما لي عندك؟ قالت: قيام بحقك ما عشت، قال: فأعطيني المواثيق، فأعطته، فقال للأسودين: مكانكما وأتى مصعبا فأخبره، فقال له: استوثق منها بالأيمان، ففعلت، وصلحت بعد ذلك لمصعب بفضل ذلك الدرس البديع!

وكان لها مع هذه الشراسة لحظات تصفو فيها وتطيب، فقد صارمت مصعبا مرة وطالت مصارمتها له حتى شق عليها وعليه، وكانت لمصعب حرب فخرج إليها ثم عاد وقد ظفر، فشكت عائشة مصارمته إلى مولاة لها، فقالت: الآن يصلح أن تخرجي إليه، فخرجت تمسح التراب عن وجهه، فقال لها مصعب: إني أشفق عليك من رائحة الحديد، فقالت: لهو والله عندي أطيب من ريح المسك الأذفر!

Page inconnue