شكا معلم سعيد بن مسلمة ولده إليه فقال: إنه مشتغل بالعشق، فرد عليه قائلا: «دعه فإنه يلطف وينظف ويظرف.»
والقصة التالية توضح أثر العشق الطيب في مسلك الإنسان وأخلاقه:
دخل كثير عزة يوما على عبد الملك بن مروان فقال له: «ناشدتك يا كثير بحق علي بن أبي طالب، هل قابلت من هو أعشق منك؟» فأجاب كثير: «والله يا أمير المؤمنين لو سألتني بحقك لأخبرتك، نعم، بينما أنا أسير ذات يوم في بعض الفلوات، وقد برح بي الشوق إلى عزة، إذ أنا برجل قد نصب حباله، فقلت له: «ما أجلسك ها هنا؟» قال: «قد أهلكني وأهلي الجوع، فنصبت حبائلي، لعلي أصيب لهم ولنفسي ما يكفينا سحابة يومنا، فقلت: أرأيت لو أقمت معك فأصبنا صيدا، أتجعل لي منه جزءا؟ قال: «نعم». وبقينا نحن كذلك حتى وقعت ظبية، فخرجنا مبتدرين، وأسرع هو إليها فحلها وأطلقها، فقلت له، ما حملك على هذا؟ قال: دخلني لها رقة لشبهها بليلى وأنشأ يقول وهو يبكي:
راحوا يصيدون الظباء وإنني
لأرى تصيدها علي حراما
أشبهن منك محاجرا وسوالفا
فأرى علي لها بذاك ذماما
أعزز علي بأن أروع شبهها
أو أن يذقن على يدي حماما
عندئذ عرفت يا أمير المؤمنين أن صاحبي لم يكن غير «مجنون ليلى».
Page inconnue