هذه مفاهيمنا
هذه مفاهيمنا
Maison d'édition
إدارة المساجد والمشاريع الخيرية الرياض
Numéro d'édition
الثانية ١٤٢٢هـ
Année de publication
٢٠٠١م
Genres
وأمر غريب، واستدلال مريب، فنتنزل معهم في المناظرة بالكلام على معنى هذا اللفظ فأقول:
أولًا: أيكون قولك وقول المسلمين في "التشهد": السلام عليك أيها النبي ... نداءً للنبي بعد مماته؟ أينادي المسلمون النبي في كل صلاة، أم أن لفظ النداء هنا لاستحضار منزلة الرسول ﷺ؛ ليكون أمكن في القلب لما يجب في حقه من تعزيره وتوقيره ونصرته؟ فما استدل واحد من العلماء المهتدين بالتشهد على دعوى جواز مناداة النبي بعد موته، وهذا إجماع لا خلاف فيه.
وهذا الأثر -مع نكارته الشديدة- من هذا الباب إنما يكون لاستحضار ما قلنا في لفظ المصلي في التشهد، وهو: التفات، والالتفات له مقتضيات معلومة في فنون المعاني والبيان، وأقول هذا تنزلًا في المجادلة، وإلا فما ينبغي ابتداءً، والمناسب هنا ما ذكرنا آنفًا.
ثانيا: غاية ما في هذا الأثر المنكر الضعيف أنه توجه بالنبي ﷺ في الدعاء، فأين هذا من دعاء الميت؟! فإن التوجه بالمخلوقات سؤال به لا سؤال منه، وكل أحد يفرق بين سؤال الشخص وبين السؤال به، فإنه في السؤال به قد أخلص الدعاء لله، ولكن توجه إلى الله بذاته، وأما في سؤاله نفسه ما لا يقدر عليه إلا الله، فيكون قد جعله شريك الله في عبادة الدعاء، فليس في حديث الأعمى وحديث ابن حنيف هذا إلا إخلاص الدعاء لله كما هو صريح فيه، إلا قوله: يا محمد إني أتوجه بك، وهذا ليس فيه المخاطبة للميت فيما لا يقدر عليه، إنما فيه مخاطبته مستحضرًا له في ذهنه كما يقول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته١ كما أوضحته في الوجه الأول.
_________
١ تيسير العزيز الحميد ص ٢١٢.
1 / 48