حصوننا مهددة من داخلها

Muhammad Muhammad Hussein d. 1402 AH
91

حصوننا مهددة من داخلها

حصوننا مهددة من داخلها

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الثامنة

Année de publication

١٤٠٤ هـ -١٩٨٣ م

Lieu d'édition

بيروت

Genres

صح أن الاستفادة بنصف المجتمع المعطل هي الدافع الحقيقي إلى توظيف المرأة لوجب أن يستوعب العمل كل المتعطلين من الرجال قبل أن يُسمَح لامرأة واحدة بتولي عمل من الأعمال العامة. ومن مغالطاتهم كذلك أنهم يتصيدون الأمثلة لمن نبغن من المسلمات في بعض فروع العلم أو شاركن في القتال، ليقيموا بهن الدليل على مطابقة دعوتهم للشرع. والواقع أن للمرأة حقًا غير منكور في طلب العلم إن كان فيها استعداد له، ولم ينكر أحد أن هناك بعض الوظائف التي تلائمها كتدريس البنات وتطبيب النساء، ولم ينكر أحد حق المرأة في السعي الشريف للرزق إن دعتها إلى ذلك ضرورة. والإِسلام سمح، قد أباح للضرورة أشياء كثيرة، حتى الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهلَّ به لغير الله، فرفع الإِثم فيها عن المضطر في أكثر من موضع من القرآن الكريم (البقرة ١٧٣، المائدة ٣، الأنعام ١٤٥، النحل ١١٥) بل لقد رفع الإِثم عمن أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإِيمان (النحل ١٠٦). واشتراك المرأة في القتال هو من باب الاستثناء الذي تدعو إليه الضرورة، وهو في حدود الأعمال التي تلائم المرأة كالتمريض خلف صفوف القتال. ومصدر الخطأ والخلط في ذلك كله ناشئ عن وضع الاستثناء والشذوذ موضع القاعدة والأصل. واتخاذ أعمال الأفراد حجة على الشرع نفسه. ومن مغالطاتهم التي ابتدعها قاسم أمين وتابعه فيها كثير من الناس أنهم يقولون: إن بين النساء نابغات وبينهن عانسات وبينهن من فقدت الزوج والعائل. فلماذا لا يشارك هؤلاء في الأعمال العامة في الحياة؟ وليس كل ما يقولونه إلا أعذارًا وحيلًا تنتحل لفتح الباب تمهيدًا للزحف. إن الذي يسمح لقدمه أن تنزلق خطوة واحدة في أول الطريق لا يدري إلى أين تسوقه قدماه وإلى أين ينتهي به المسير. إن مدمن الخمر قد سمح لنفسه أولًا بمجالسة الشاربين، ثم سمح لنفسه بأن يشاركهم النّقْل، ثم تدرج من ذلك إلى مشاركتهم في قليل من الشراب لا يبلغ به حد الخلط وفقدان الإِحساس، ولم يزل يخطو في كل مرة خطوة من بعد خطوة حتى أصبح مدمنًا. وكذلك الشأن في المرأة وفي كل أمر، ومنحُ صنفٍ من النساء حق الاشتغال بالأعمال العامة هو الانزلاق في أول الطريق الذي يجر إلى السماح لسائر النساء بهذا الحق كما أثبتت التجربة. لذلك كان علينا أن نضع للأشياء حدودًا لا نسمح لأنفسنا

1 / 95